(فرع) إذا استأجر جارحة للصيد لم يصح حتى يعرف جنسها لأنها إذا كانت الجارحة كلبا فلا يصح استئجاره كما صحح ذلك النووي، وحكى الرملي والشربيني منازعة النووي في هذا، وقال الأذرعي: المختار قول الغزالي، يعنى من حيث جواز إجارة الكلب المعلم للصيد.
أما الجوارح الأخرى كالبازي والعقاب والفهد فيجوز استئجارها قولا واحدا كما يجوز استئجار السنور لصيد الفأر وعلى هذا يصح استئجارها أعني الجوارح من ذمي أو مجوسي ويجرى عليها حكم صيد المسلم بكلب النصراني واليهودي، إن قلنا بصحة استئجاره فإن صيده جائز.
أما الجوارح الأخرى فإنه يصح استئجارها من يهودي أو نصراني ويصح صيدها قال العبدري: وبه قال الفقهاء كافة. وقال ابن المنذر: وبه قال سعيد بن المسيب والحكم والزهري ومالك وأبو حنيفة وأبو ثور وهو أصح الروايتين عن عطاء وممن كرهه جابر بن عبد الله والحسن البصري وعطاء ومجاهد والنخعي والثوري وإسحاق بن راهويه، وقال أحمد: كلب النصراني واليهودي عندي أهون من المجوسي والله تعالى أعلم.
قال المصنف رحمه الله تعالى:
(فصل) وان استأجر رجلا ليرعى له مدة لم يصح حتى يعرف جنس الحيوان: لان لكل جنس من الماشية تأثيرا في اتعاب الراعي. ويجوز أن يعقد على جنس معين وعلى جنس في الذمة، فإن عقد على موصوف لم يصح حتى يذكر العدد، لان العمل يختلف باختلافه، ومن أصحابنا من قال: يجوز مطلقا ويحمل على ما جرت به العادة أن يرعاه الواحد من مائه أو أقل أو أكثر، والأول أظهر لان ذلك يختلف وليس فيه عرف واحد.
(فصل) وان استأجر امرأة للرضاع لم يصح العقد حتى يعرف الصبي الذي عقد على ارضاعه، لأنه يختلف الرضاع باختلافه، ولا يعرف ذلك الا بالتعيين، لأنه لا يضبط بالصفة ولا يصح حتى يذكر موضع الرضاع لان الغرض يختلف باختلافه.