بكفره ولا رقه لان الحرية والاسلام ثبتا له بظاهر الدار فلا يزول ذلك بمجرد الشبه والظن كما لم يزل ذلك بمجرد الدعوى من المنفرد.
ولو ادعى نسب اللقيط إنسان فألحق نسبه به لانفراده بالدعوى ثم جاء آخر فادعاه لم يزل نسبه عن الأول لأنه حكم له به فلم يزل بمجرد الدعوى، فإن ألحقته به القافة لحق به وانقطع عن الأول، لأنها بينة في إلحاق النسب، ويزول بها الحكم الثابت بمجرد الدعوى كالشهادة.
(فرع) إذا ادعاه اثنان فألحقته القافة بهما لحق بهما في النفقة. وكان أحمد رضي الله عنه يقول: إنه ابنهما يرثهما ميراث ابن ويرثانه جميعا ميراث أب واحد وهذا يروى عن عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهما وهو قول أبي ثور. وقال أصحاب الرأي يلحق بهما بمجرد الدعوى. وقال الشافعي لا يلحق بأكثر من واحد، فإذا ألحقته بهما سقط قولهما ولم يحكم لهما، واحتج برواية عمر رضي الله عنه أن القافه قالت (قد اشتركا فيه، فقال عمر وال أيهما شئت) ولأنه لا يتصور كونه من رجلين، فإذا ألحقته القافلة بهما تبينا كذبهما فسقط قولهما كما لو ألحقته بأمين، ولان المدعيين لو اتفقا على ذلك لم يثبت، ولو ادعاه كل واحد منهما وأقام بينة سقطتا، ولو جاز أن يلحق بهما لثبت باتفاقهما وألحق بهما عند تعارض بينتهما، هذا وما لم نتناول من مسائل الفصل فعلى وجهه من تقرير المصنف. والله أعلم قال المصنف رحمه الله تعالى:
(فصل) ومن حكم بإسلامه أو بأحد أبويه أو بالسابي فحكمه قبل البلوغ حكم سائر المسلمين في الغسل والصلاة والميراث والقصاص والدية. لان السبب الذي أوجب الحكم بإسلامه لم يزل فأشبه من أسلم بنفسه وبقى على إسلامه، فان بلغ ووصف الكفر فالمنصوص أنه مرتد، فان تاب وإلا قتل لأنه محكوم باسلامه قطعا فأشبه من أسلم بنفسه ثم ارتد. ومن أصحابنا من قال فيه قولان (أحدهما) ما ذكرناه (والثاني) أنه يقر على الكفر لأنه لما بلغ زال حكم التتبع فاعتبر بنفسه، فان بلغ ولم يصف الاسلام ولا الكفر فقتله قاتل المنصوص أنه لا قود على قاتله.