ومن أصحابنا من قال: يجب القود لأنه محكوم بإسلامه فأشبه ما قبل البلوغ، وهذا خطأ لأنه يحتمل أن يكون غير راض بالاسلام، والقصاص يسقط بالشبهة فسقط، ويخالف ما قبل البلوغ فإن إسلامه قائم قطعا وبعد البلوغ لا نعلم بقاء الاسلام، فأما من حكم بإسلامه بالدار فإنه قبل البلوغ كالمحكوم بإسلامه بأبويه أو بالسابي، فإن بلغ ووصف الكفر فإنه يفزع ويهدد على الكفر احتياطا، فإن أقام على الكفر أقر عليه.
ومن أصحابنا من قال: هو كالمحكوم باسلامه بأبويه لأنه محكوم باسلامه بغيره فصار كالمسلم بأبويه، ولمنصوص أنه يقر على الكفر لأنه محكوم باسلامه من جهة الظاهر، ولهذا لو ادعاه ذمي وأقام البينة حكم بكفره.
(فصل) وإن بلغ اللقيط وقذفه رجل وادعى أنه عبد. وقال اللقيط:
بل أنا حر ففيه قولان (أحدهما) أن القول قول اللقيط لأن الظاهر من حاله الحرية (والثاني) أن القول قول القاذف لأنه يحتمل أن يكون عبدا، والأصل براءة ذمة القاذف من الحد وان قطع حر طرفه وادعى انه عبد. وقال اللقيط:
بل أنا حر فالمنصوص أن القول قول اللقيط، فمن أصحابنا من قال: فيه قولان كالقذف، ومنهم من قال: إن القول قول اللقيط قولا واحدا وفرق بينه وبين القذف بأن القصاص قد وجب في الظاهر ووجوب القيمة مشكوك فيه فإذا أسقطنا القصاص انتقلنا من الظاهر إلى الشك فلم يجز وفى القذف قد وجب الحد في الظاهر ووجوب التعزير يقين لأنه بعض الحد، فإذا أسقطنا الحد انتقلنا من الظاهر إلى اليقين فجاز.
(فصل) إذا بلغ اللقيط ووهب وأقبض وباع وابتاع ونكح وأصدق وجنى، وجنى عليه ثم قامت البينة على رقة كان حكمه في التصرفات كلها حكم العبد القن يمضى ما يمضى من تصرفه، وينقض ما ينقض من تصرفه فيما يضره ويضر غيره، لأنه قد ثبت بالبينة أنه مملوك فكان حكمه حكم المملوك، فان أقر على نفسه بالرق لرجل فصدقه نظرت، فإن كان قد تقدم منه إقرار بحريته لم يقبل إقراره بالرق، لأنه باقراره بالحرية أحكام الأحرار في العبادات والمعاملات لم يقبل