والثاني: القول قول الموهوب، لان المقر بالهبة والأصل فيها عدم البدل.
وقد ادعاه الواهب وأنكره الموهوب فالقول قول المنكر. ولو وهبه وأقبضه ومات ادعاه الوارث صدوره في المرض، وادعى المتهب كونه في الصحة صدق المتهب بيمينه، ولو أقاما بينتين قدمت بينة الوارث لان معها زيادة علم، ثم محل ما تقرر إن كان الولد حرا، ولو أبرأه من دين له عليه لم يملك الرجوع سواء أقلنا: إنه تمليك أم إسقاط، إذ لا بقاء للدين فأشبه ما لو وهبه شيئا فتلف، والله تعالى أعلم بالصواب.
قال المصنف رحمه الله تعالى باب العمرى والرقبى العمرى هو أن يقول: أعمرتك هذه الدار حياتك، أو جعلتها لك عمرك وفيها ثلاث مسائل (إحداها) أن يقول: أعمرتك هذه الدار حياتك ولعقبك بعدك، فهذه عطية صحيحة، تصح بالايجاب والقبول، ويملك فيها بالقبض، والدليل عليه ما روى جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (أيما رجل أعمر عمري له ولعقبه فإنها للذي أعطيها لا ترجع إلى الذي أعطاها لأنه أعطى عطاء وقعت فيه المواريث، والثانية أن يقول: أعمرتك هذه الدار حياتك، ولم يشرط شيئا ففيه قولان.
قال في القديم هو باطل لأنه تمليك عين قدر بمدة فأشبه إذا قال أعمرتك سنة أو أعمرتك حياة زيد. وقال في الجديد: هو عطية صحيحة، ويكون للمعمر في حياته ولورثته بعده وهو الصحيح، لما روى جابر رضي الله عنه قال (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أعمر عمري حياته فهي له ولعقبه من بعده يرثها من يرثه من بعده) ولان الاملاك المستقرة كلها مقدرة بحياة المالك، وتنتقل إلى الورثة، فلم يكن ما جعله له في حياته منافيا لحكم الاملاك (والثالثة) أن يقول: أعمرتك حياتك، فإن مت عادت إلى إن كنت حيا وإلى ورثتي إن كنت ميتا فهي كالمسألة الثانية، فتكون على قولين.