الرجل يوصى لولد بنيه وهو يريد بنيه. وهذا قول طاوس. فالاضرار في الوصية ان يوص بأكثر من الثلث، والاضرار في الدين أن يبيع بأقل من ثمن المثل ويشترى بأكثر منه.
وقد روى عكرمة عن ابن عباس ان النبي صلى الله عليه وسلم قال: الاضرار في الوصية من الكبائر، وقال تعالى (ووصى بها إبراهيم بنيه) الآية والأفضل أن يقدم ما يوصى به حال حياته، لحديث أبي هريرة الذي ساقه المصنف قال (سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الصدقة أفضل؟ قال: إن تتصدق وأنت صحيح شحيح تأمل الغنى وتخشى الفقر، ولا تمهل حتى إذا بلغت الحلقوم قلت لفلان كذا ولفلان كذا) وقد أخرج هذا الحديث الشيخان وأصحاب السنن الا الترمذي، ورواه أحمد في مسنده ولفظه في كثرها (جاء رجل فقال يا رسول الله: أي الصدقة أفضل أو أعظم أجرا؟ قال: أما وأبيك لنفتأن أن تصدق وأنت شحيح صحيح تخشى الفقر وتأمل البقاء، ولا تمهل حتى إذا بلغت الروح الحلقوم قلت لفلان كذا، ولفلان كذا، وقد كان لفلان) وقوله (لتفتأن بالبناء لما لم يسم فاعله من الفتيا. وفى نسخة لتنبأن من النبأ وقوله (أن تصدق بتخفيف الصاد على حذف إحدى التاءين، وأصله أن تتصدق والتشديد على الادغام.
قوله (شحيح) قال صاحب المنتهى: الشح بخل مع حرص، قال الخطابي فيه ان المرض يقصر يد المالك عن بعض ملكه، وأن سخاوته بالمال في مرضه لا تمحو عنه سمة البخل، فلذلك شرط صحه البدن في الشح بالمال لأنه في الحالتين يجد للمال وقعا في قلبه لما يأمله من البقاء فيحذر معه الفقر قال ابن بطال وغيره، لما كان الشح غالبا في الصحة فالسماح فيه بالصدقة أصدق في النية وأعظم للاجر بخلاف من يئس من الحياة ورأي مصير المال لغيره وقوله (حتى إذا بلغت الروح الحلقوم) أي قاربت بلوغه، إذ لو بلغته حقيقة لم يصح شئ من تصرفاته، والحلقوم مجرى النفس