فلم يلزم من غير قبول كالبيع، ولا يصح القبول إلا بعد الموت، لان الايجاب بعد الموت فكان القبول بعده. فان قبل حكم له بالملك. وفى وقت الملك قولان منصوصان.
(أحدهما) تمليك بالموت والقبول، لأنه تمليك يفتقر إلى القبول فلم يقع الملك قبله كالهبة.
(والثاني) أنه موقوف، فان قبل حكمنا بأنه ملك من حين الموت، لأنه لا يجوز أن يكون للموصى لان الميت لا يملك، ولا يجوز أن يكون للوارث لان الوارث لا يملك إلا بعد الدين والوصية، ولا يجوز أن يكون للموصى له لأنه لو أنتقل إليه لم يملك رده كالميراث، فثبت أنه موقوف.
وروى ابن عبد الحكم قولا ثالثا أنه يملك بالموت ووجهه أنه مال مستحق بالموت فانتقل به كالميراث.
(فصل) وإن رد نظرت، فإن كان في حياة الموصى لم يصح الرد لأنه لا حق له في حياته فلم يملك اسقاطه كالشفيع إذا عفا عن الشفعة قبل البيع، وان رد بعد الموت وقبل القبول صح الرد لأنه يثبت له الحق فملك اسقاطه كالشفيع إذا عفا عن الشفعة بعد البيع وان رد بعد القبول وقبل القبض ففيه وجهان (أحدهما) لا يصح الرد لأنه ملكه ملكا تاما فلم يصح رده، كما لو قبضه (والثاني) أنه يصح الرد، وهو المنصوص لأنه تمليك من جهة الآدمي من غير بدل فصح رده قبل القبض كالوقف، وان لم يقبل ولم يرد كان للورثة المطالبة بالقبول أو الرد، فان امتنع من القبول والرد حكم عليه بالرد، لان الملك متردد بينه وبين الورثة، كما لو تحجر أرضا فامتنع من احيائها أو وقف في مشرعة ماء فلم يأخذ ولم ينصرف.
(فصل) وان مات الموصى له قبل الموصي بطلت الوصية ولا يقوم وارثه مقامه لأنه مات قبل استحقاق الوصية، وان مات بعد موته وقبل القبول قام وارثه مقامه في القبول والرد لأنه خيار ثابت في تملك المال، فقام الوراث مقامه كخيار الشفعة.