(فصل) وإن استأجر للحج والعمرة لم يصح حتى يذكر أنه إفراد أو قران أو تمتع، لان الاغراض تختلف باختلافها، فأما موضع الاحرام فقال في الام لا يجوز حتى يعين وقال في الاملاء: إذا استأجر أجيرا أحرم من الميقات ولم يشرط التعيين، واختلف أصحابنا فيه فقال أبو إسحاق المروزي: فيه قولان:
(أحدهما) لا يجوز حتى يعين، لان الاحرام قد يكون من الميقات، وقد يكون من دويرة أهله، وقد يكون من غيرهما، فإذا أطلق صار العقد على مجهول فلم يصح (والثاني) أنه يجوز من غير تعيين ويحمل على ميقات الشرع، لان الميقات معلوم بالشرع فانصرف الاطلاق إليه كنقد البلد في البيع ومن أصحابنا من قال: إن كان الحج عن حي لم يجز حتى يعين، لأنه يمكن الرجوع إلى معرفة غرضه، وإن كان عن ميت جاز من غير تعيين، لأنه لا يمكن الرجوع إلى معرفة غرضه، وحمل القولين على هذه الحالين. ومنهم من قال:
إن كان للبلد ميقاتان لم يجز حتى يبين لأنه ليس أحدهما بأولى من الآخر، فوجب بيانه كالثمن في موضع فيه نقدان. وإن لم يكن له إلا ميقات واحد جاز من غير تعيين، كالثمن في موضع ليس فيه إلا نقد واحد، وحمل القولين على هذين الحالين، فإن ترك التعيين وقلنا إنه لا يصح فحج الأجير، انعقد الحج للمستأجر لأنه فعله بإذنه مع فساد العقد فوقع له كما لو وكله وكالة فاسدة في بيع (الشرح) أوردنا في صدر هذا الباب آية استئجار شعيب لموسى، وقد روى أحمد والبخاري وابن ماجة أن النبي صلى الله عليه قال: ما بعث الله نبيا إلا رعى الغنم، فقال أصحابه وأنت؟ قال نعم. كنت أرعاها على قراريط لأهل مكة، وقال سويد بن سعيد: يعنى كل شاة بقيراط.
وقال إبراهيم الحربي: قراريط اسم موضع، وقد صوب ابن الجوزي وابن ناصر التفسير الذي ذكره إبراهيم الحربي: لكن الذي رجح تفسير ابن سويد أن أهل مكة لا يعرفون مكانا يقال له: قراريط وقد روى النسائي من حديث نصر بن حزن قال: افتخر أهل الإبل والغنم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (بعث موسى وهو راعى غنم، وبعث داود