رضي الله عنهم وقفوا وشرطوا من ينظر، فجعل عمر رضي الله عنه إلى حفصة رضي الله عنها، وإذا توفيت فإنه إلى ذوي الرأي من أهلها، ولان سبيله إلى شرطه فكان النظر إلى من شرطه.
وإن وقف ولم يشرط الناظر ففيه ثلاثة أوجه (أحدهما) أنه إلى الواقف لأنه كان النظر إليه، فإذا لم يشرطه بقي على نظره (والثاني) أنه للوقوف عليه، لان الغلة له فكان النظر إليه (والثالث) إلى الحاكم لأنه يتعلق به حق الموقوف عليه وحق من ينتقل إليه فكان الحاكم أولى، فإن جعل الواقف النظر إلى اثنين من أفاضل ولده ولم يوجد فيهم فاضل إلا واحد ضم الحاكم إليه آخر لان الواقف لم يرض فيه بنظر واحد.
(فصل) إذا اختلف أرباب الوقف في شروط الوقف وسبيله ولا بينة جعل بينهم بالسوية، فإن كان الواقف حيا رجع إلى قوله، لأنه ثبت بقوله فرجع إليه.
(الشرح) بعض هذه الفصول مضى ذكر أحكامها.
أما المسجد فإنه إذا انهدم وتعذرت اعادته فإنه لا يباع بحال لامكان الانتفاع به حالا بالصلاة في أرضه، وبهذا قال مالك رضي الله عنه. وقال الرملي: وبه فارق ما لو وقف فرس على الغزو فكبر ولم يصلح حيث جاز بيعه. نعم لو خيف على نقضه نقض وحفظ ليعمر به مسجد آخر ان رأى الحاكم ذلك، وان توقع عوده حفظ له، والا فإن أمكن صرفه إلى مسجد آخر صرف إليه، والا فمنقطع الآخر فيصرف لأقرب الناس إلى الواقف، فإن لم يكونوا صرف إلى الفقراء والمساكين أو مصالح المسلمين.
أما غير المنهدم فما فضل من غلة الموقوف على مصالحه يشترى به عقار ويوقف عليه بخلاف الموقوف على عمارته يجب ادخاره لأجلها لأنه يعرض للضياع أو لظالم يأخذه.
ولو وقف أرضا للزراعة فتعذرت وانحصر النفع في الغرس أو البناء فعل الناظر أحدهما أو آجرها كذلك، وقد أفتى البلقيني في أرض موقوفة لتزرع حناء