(فصل) واختلف أصحابنا في الدراهم والدنانير، فمن أجاز إجارتها أجاز وقفها، ومن لم يجز إجارتها لم يجز وقفها، واختلفوا في الكلب فمنهم من قال لا يجوز وقفه لان الوقف تمليك والكلب لا يملك. ومنهم من قال يجوز الوقف لان القصد من الوقف المنفعة وفى الكلب منفعة فجاز وقفه، واختلفوا في أم الولد فمنهم من قال يجوز وقفها لأنه ينتفع بها على الدوام فهي كالأمة القنة، ومنهم من قال لا يجوز لأنها لا تملك (فصل) ولا يصح الوقف إلا في عين معينة، فإن وقف عبدا غير معين أو فرسا غير معين فالوقف باطل لأنه إزالة ملك على وجه القربة فلم يصح في عين في الذمة كالعتق والصدقة.
(الشرح) حديث ابن عمر رواه البخاري ومسلم وأحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة بلفظ (أن عمر أصاب أرضا من أرض خيبر فقال:
يا رسول الله أصبت أرضا بخيبر لم أصب مالا قط أنفس عندي منه فما تأمرني؟
فقال: إن شئت حبست أصلها، وتصدقت بها، فتصدق بها عمر على أن لا تباع ولا توهب ولا تورث في الفقراء وذوي القربى والرقاب والضيف وابن السبيل، لا جناح على من وليها أن يأكل منها بالمعروف ويطعم غير متمول) وفى لفظ (غير متأثل مالا) وفى حديث عمرو بن دينار عند البخاري قال في صدقة عمر (ليس على الولي جناح أن يأكل صديقا له غير متأثل) قال (وكان ابن عمر هو يلي صدقة عمر ويهدى لناس من أهل مكة كان ينزل عليهم) وللحديث روايات للبيهقي والطحاوي والدارقطني.
وروى النسائي وابن ماجة والشافعي عن ابن عمر، وهو متفق عليه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، قال عمر للنبي صلى الله عليه وسلم (إن المائة سهم التي لي بخيبر لم أصب مالا قط أعجب إلى منها، وقد أردت أن أتصدق بها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: احبس أصلها وسبل ثمرتها)