رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ذلك إلا ووصيتي عندي، وفى تخصيص الليلتين والثلاث بالذكر تسامح في إرادة المبالغة، أي لا ينبغي أن يبيت زمنا ما وقد سامحناه في الليلتين والثلاث، فلا ينبغي له أن يتجاوز ذلك. أما قوله المبرسم وهو الذي أصيب بعلة الورم في الدماغ يصاب صاحبه بصداع وكراهية للضوء وزوال للعقل، وقيل إنه الموت لان بر بالسريانية الابن والسام الموت، ومنه حديث شفاء من كل داء الا السام. قيل وما السام، قال الموت.
إذا ثبت هذا: فإن الوصايا تشتمل على أربعة شروط وهي موصى وموصى له وموصى به وموصى إليه، فأما الفصل الأول وهو الموصى فمن شرطه أن يكون مميزا حرا، فإذا اجتمع فيه هذان الشرطان صحت وصيته في ماله مسلما كان أو كافرا، فأما المجنون فلا تصح وصيته لأنه غير مميز. وأما الصبي فإن كان طفلا غير مميز فوصيته باطلة، وإن كان مراهقا ففي جواز وصيته قولان.
(أحدهما) لا تجوز، وبه قال أبو حنيفة، واختاره المزني لارتفاع القلم عنه كالمجنون، لان الوصية عقد فأشبهت سائر العقود.
(والقول الثاني) وبه قال مالك ان وصيته جائزة لرواية عمرو بن سليم الزرقي قال سئل عمر بن الخطاب ورضي الله عنه عن غلام يافع من غسان وصى لبنت عمه وله عشر سنين، وله وارث ببلد آخر، فأجاز عمر رضي الله عنه وصيته، ولان المعنى الذي لأجله منعت عقوده هو المعنى الذي أمضيت وصيته لان الحظ له في منع العقود لأنه لا يتعجل بها نفعا، ولا يقدر على استدراكها إذا بلغ والحظ له في امضاء الوصية، لأنه ان مات فله ثوابها وذلك أحط له من تركه عل ورثته، وان عاش وبلغ قدر على استدراكها والرجوع فيها، فعلى هذا لو أعتق في مرضه أو حابى أو وهب ففي صحة ذلك وجهان.
(أحدهما) صحيح ممضى لان ذلك وصيه يعتبر من الثلث.
(والوجه الثاني) أنه باطل مردود لان الوصية بقدر على الرجوع فيها ان صح، والعتق والهبة لا يقدر على الرجوع فيها ان صح.
فأما وصية المحجور عليه بالسفه. فإن قيل بجواز وصية الصبي فوصية