في سورة الأنفال (والذين آمنوا ولم يهاجروا مالكم من ولايتهم من شئ حتى يهاجروا) فتوارث المسلمون بالهجرة، فكان لا يرث الاعرابي المسلم من قريبه المسلم شيئا حتى يهاجر، ثم نسخ ذلك. وفى هذه الآية (وأولوا الأرحام الخ) (الثاني) ان ذلك ناسخ لتوارث بالحلف والمؤاخاة في الدين، روى هشام ابن عروة عن أبيه عن جده وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله وذلك انا معشر قريش لما قدمنا المدينة قدمنا ولا أموال لنا، فوجدنا الأنصار نعم الاخوان فآخيناهم فأورثونا وأورثناهم، فآخى أبو بكر خارجه بن زيد.
وآخيت انا كعب بن مالك، فجئت فوجدت السلاح قد أثقله، فوالله لقد مات عن الدنيا ما ورثه غيري حتى أنزل الله هذه الآية فرجعنا موارثنا وثبت عن عروة ان النبي صلى الله عليه وسلم أخي بين الزبير وبين كعب بن مالك فارتث كعب يوم أحد، فجاء الزبير يقوده بزمام راحلته، فلو مات يومئذ كعب عن الضح والريح لورثه الزبير، فأنزل الله تعالى الآية، فبين تعالى أن القرابة أولى من الحلف، فتركت الوراثة بالحلف وورثوا بالقرابة قال ابن العربي: وأولوا الأرحام بالاجماع لان ذلك يوجب تخصيصا ببعض المؤمنين، ولا خلاف في عمومها، وهذا حل اشكالها وأما أثر علي كرم الله وجهه فإنه يفيد استحباب النقص عن الثلث وهو من فقهه الذي لا يخلو من أثر عن النبي صلى اله عليه وسلم، وبهذا الفقه أخذ الشافعي رضي الله عنه من قوله صلى الله عليه وسلم (الثلث والثلث كثير) ولحديث ابن عباس قال (لو أن الناس غضوا من الثلث إلى الربع فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الثلث والثلث كثير) رواه أحمد والبخاري ومسلم، وقد اخذ ذلك من وصفه صلى الله عليه وسلم للثلث بالكثرة، ويبدو ان (أو) التي جاءت بين كثير وكبير جاءت من الراوي بعد عهد الترقيم لان ورود (كبير) هكذا بغير اعجام تقرأ كبير وتقرأ كثير فخروجا من حرج أن اللفظ النبوي أحدهما وضع اللفظان مفصولين بأو.
اما الأحكام: فان كل ما جاز الانتفاع به من مال ومنفعة جازت الوصية به