قوله (قلت لفلان كذا) قال ابن حجر: الظاهر أن هذا المذكور على سبيل المثال، وقال الخطابين: فلان الأول والثاني الموصى له، وفلان الأخير الوارث لأنه إن شاء أبطله وإن شاء أجازه، والمقصود أن الحديث يدل على أن تنجيز وفاء الدين والتصدق في حال الصحة أفضل منه حال المرض لأنه في حال الصحة يصعب عليه إخراج المال غالبا لما يخوفه به الشيطان ويزينه له من الامل في الحياة والحاجة إلى المال، قال تعالى (الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء، والله يعدكم مغفرة منه وفضلا) وفى معنى الحديث قوله تعالى (وأنفقوا مما رزقناكم من قبل أن يأتي أحدكم الموت) الآية، وفى معنى الحديث أيضا ما أخرجه الترمذي بإسناد حسن وصححه ابن حبان عن أبي الدرداء مرفوعا (مثل الذي يعتق ويتصدق عنه موته، مثل الذي يهدى إذا شبع).
وأما حديث ابن عمر فقد أخرجه أصحاب الكتب الستة وأحمد في مسنده بلفظ (ما حق امرئ مسلم ببيت ليلتين وله شئ يريد أن يوصى فيه إلا ووصيته مكتوبة عند رأسه) ورواه الشافعي بلفظ (ما حق امرئ يؤمن بالوصية) أي يؤمن بأنها حق كما حكاه ابن عبد البر عن ابن عيينة، ورواه ابن عبد البر والطحاوي بلفظ (لا يحل لامرئ مسلم له مال) وقال الشافعي: معنى الحديث ما الحزم والاحتياط للمسلم إلا أن تكون وصيته مكتوبة عنده، وكذا قال الخطابي، قوله: مسلم.
قال ابن حجر في فتح الباري: هذا الوصف خرج مخرج الغالب فلا مفهوم له أو ذكر للتهييج لتقع المبادرة إلى الامتثال لما يشعر به من نفى الاسلام عن تارك ذلك، وصية الكافر جائزة في الجملة.
وحكى ابن المنذر فيه الاجماع. قوله يبيت صفة لمسلم. قوله ليلتين في رواية البيهقي وأبى عوانه. ليلة أو ليلتين، ولمسلم والنسائي ثلاث ليال، واختلاف الروايات في هذا يدل على أنه للتقريب لا للتحديد، والمعنى لا يمضى عليه زمان وإن كان قليلا إلا ووصيته مكتوبة، وفيه إشارة إلى اغتفار الزمن اليسير، وكأن الثلاث غاية الأخير، ولذلك قال ابن عمر رضي الله عنه لم أبت ليلة منذ سمعت