وأحسن ما قيل فيها ما حكاه الشيباني قال: كنا على قسطنطنية في عسكر مسلمة ابن عبد الملك فجلسنا يوما في جماعة من أهل العلم فيهم ابن الديلمي فتذاكروا ما يكون من أهوال آخر الزمان. فقلت له: يا أبا بشر، ودي الا يكون لي ولد.
فقال لي: ما عليك، ما من نسمة قضى الله بخروجها من رجل الا خرجت أحب أو كره، ولكن ان أردت أن تأمن عليهم فاتق الله في غيرهم، ثم تلا الآية.
وقوله (يجنف) من جنف يجنف كسمع يسمع إذا جاز والاسم منه جنف وجانف. قال الأعشى تجانف عن حجر اليمامة ناقتي * وما قصدت من أهلها لسوائكا ومنه قوله تعالى (فمن خاف من موص جنفا) قال الشاعر هم المولى وان جنفوا علينا * وإنا من لقائهم لزور وقال لبيد:
إني امرؤ منعت أرومة عامر * ضيمي وقد جنفت على خصومي وقال تعالى (فمن اضطر في مخمصة غير متجانف لاثم) أي مائل إليه روى أبو داود عن أبي هريرة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال (ان الرجل أو المرأة ليعمل بطاعة الله ستين سنة ثم يحضرهما الموت فيضاران في الوصية فتجب لهما النار) وترجم النسائي الصلاة على من جنف في وصيته أخبرنا علي بن حجر أنبأنا هشيم عن منصور - وهو زاذان - عن الحسن ابن سمرة عن عمران بن حصين رضي الله عنه ان رجلا أعتق ستة مملوكين له عند موته ولم يكن له مال غيرهم، فلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فغضب من ذلك وقال (لقد هممت ألا أصلى عليه) ثم دعا مملوكيه فجزاهم ثلاثة اجزاء ثم أقرع بينهم فاعتق اثنين وأرق أربعة، وأخرجه مسلم بمعناه الا أنه قال في آخره وقال قولا شديدا بدل قوله (لقد هممت الا أصلى عليه) قال الماوردي في تأويل قوله تعالى، جنفا أو إثما ثلاثة أقاويل (أحدهما) ان الجنف الميل، والاثم أن يأثم في أثرة بعضهم على بعض. وهذا قول عطاء وابن زيد (والثاني) ان الجنف الخطأ والاثم العمد، وهذا قول السدى (والثالث) انه