والثالث الذي هو التالي - أي التابع - خمسة والرابع الذي هو البارع - أي الفائق كما يقال لمن فاق أصحابه في العلم: بارع - أربعة، والخامس الذي هو المرتاح - من راح يراح راحة إذا فحلا أو إذا نشط وجف - ثلاثة، فان هذا جائز لأنه قد منع المسبوقين وفاضل بين السابقين فحصل التحريض في طلب التفاضل وخشبة المنع ويتفرع على هذا ان يجعل للسابق عشرة، وللمصلى خمسة ولا يجعل لمن بعدهم شيئا فيكون السابق أو المجلى خمسة والمصلى واحدا الخمسة السابقين بالعشرة لكل واحد درهمان وينفرد المصلى بالخمسة وان صار بها أفضل من السابقين لأنه اخذ الزيادة لتفرده، بدرجته، ولم يأخذ لتفضيل أصل درجته، وقد كان يجوز ان يشاركه غيره في درجته فيقل سهمه عن سهم من بعده.
ثم على هذا القياس إذا جعل للثاني شيئا ثالثا فحصل في كل درجة انفراد أو اشتراك وجب ان يختص المنفرد بسبق درجته، ويشترك المشتركون بسبق درجتهم.
والضرب الثاني: ان يستوي فيهم بين سابق ومسبوق، كأنه يجعل للسابق عشرة وللمصلى عشرة وفاضل بين بقية الخمسة. وهذا جائز لان مقتضى التحريض ان يفاضل بين السابق والمسبوق، فإذا تساويا فيه بطل مقصوده فلم يجز، وكان السبق في حق المصلى الذي سوى بينه وبين سابقه باطلا، ولم يبطل في حق الأول بطلانه في حق من عداه وجهان بناء على اختلاف الوجهين في الذي بطل السبق في حقه هل يستحق على الباذل اجرة مثله أم لا؟ على وجهين (أحدهما) وهو قول أبي إسحاق المروزي انه لا اجرة له على الباذل، لان منعه عائد عليه لا على الباذل. فعلى هذا يكون السبق في حق من بعده باطلا لأنه يجوز ان يفضلوا به على من سبقهم.
والوجه الثاني هو قول أبى على الطبري انه له على الباذل اجرة مثله لان من استحق المسمى في العقد الصحيح استحق أجرة المثل في العقد الفاسد اعتبارا بكل واحد من عقدي الإجارة والجعالة.