(الشرح) حديث ابن عمر مضى تخريجه في أول هذه الفصول وشرحنا غريبه وطريقة. اما الأحكام فإنه يشترط في المسابقة بالحيوان تحديد المسافة وأن يكون لابتداء عدوهما واخره غاية لا يختلفان فيها، لان الغرض معرفة أسبقهما، ولا يعلم ذلك الا بتساويهما في الغاية، ولان أحدهما قد يكون مقصرا في أول عدوه سريعا في انتهائه. وقد يكون عكس ذلك فيحتاج إلى غاية تجمع حاليه أو أحواله. ومن الخيل ما هو أصبر والقارح أصبر من غيره وقد روى أبو داود في سننه عن ابن عمر رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم (سبق بين الخيل وفضل القرح في الغاية) وسبق بين الخيل المضمرة من الحفياء إلى ثنية الوداع، وذلك ستة أميال أو سبعة، وبين التي لم تضمر من الثنية إلى مسجد بنى زريق، وذلك ميل أو نحوه.
فان استيفاء بغير غاية لينظرا أيهما يقف أولا لم يجز، لأنه يؤدى إلى أن لا يقف أحدهما حتى ينقطع فرسه ويتعذر الاشهاد على السبق فيه ويشترط في المسابقة إرسال الفرسين أو البعيرين دفعة واحدة، فان ارسل أحدهما قبل الاخر أو لا لم يجز هذا في المسابقة بعوض لأنه قد لا يدركه مع كونه أسرع منه لبعد ما بينهما، ويكون عند أول المسافة من يشاهد ارسالهما ويرتبهما، وعند الغاية من يضبط السابق منهما لئلا يختلفا في ذلك.
وقول الشافعي: الاسباق جمع سبق - بفتح الباء - وهو العوض المخرج في المسابقة - وهو باسكان الباء - مصدر سبق من المسابقة اما السبق الأول الذي يراه الشافعي، وهو الذي يخرجه غير المتسابقين فيجوز، سواء أخرجه الامام من بيت المال أو أخرجه غير الامام من ماله.
وكلام مالك من عدم جوازه لغير الامام فاسد من وجهين (أحدهما) ان ما فيه معونة على الجهاد جاز ان يفعله غير الأئمة كارتباط الخيل واعداد السلاح.
(والثاني) ان ما جاز أن يخرجه الامام من بيت مال المسلمين جاز ان يتطوع به كل واحد من المسلمين كبناء المساجد والقناطر فإذا صح جوازه جاز أن يختص به السابق وحده دون غيره، كقول الباذل