وهجانها لان جميعها جنس، والعتيق في أول الشوط أحد من الهجين، والهجين في أول الشوط ألين وفى آخره أحد فربما صار عند الغاية متكافئين، وهذا وجه (والثاني) وهو قول أبي إسحاق المروزي: أن التكافؤ في الاستباق غير معتبر بالتجانس، وإنما هو معتبر بأن يكون كل واحد من المستبقين يجوز أن يكون سابقا ويجوز أن يكون مسبوقا، فإن جوز ذلك بين فرس وبغل أو بين بعير وحمار جاز السبق بينهما، وإن علم يقينا أن أحدهما يسبق الآخر عند الاختيار لم يجز السبق بينهما، ولو علم ذلك بين فرسين عتيق وهجين، أو بين بعيرين عربي وبختي لم يجز السبق بينهما، وكذلك لو اتفق الفرسان في الجنس، واختلفا في القوة والضعف فيمنع من الاستباق بينهما وهما من جنس واحد، وتجوز بينهما وهما من جنسين مختلفين اعتبارا بالجواهر دون التجانس.
والشرط الثاني من الشروط الخمسة: الاستباق عليها مركوبة لتنتهي إلى غايتها بتدبير راكبها، فإن شرط إرسالها لتجرى مسابقة بأنفسها لم يجز، وبطل العقد عليها لأنها تتنافر بالارسال، ولا تقف على غاية السبق، وإنما يصح ذلك في الاستباق بالطيور - إذا قيل بجواز الاستباق عليها لما فيه من الهداية إلى قصد الغاية وانها لا تتنافر في طيرانها، وبقية الشروط مضى ذكرها إجمالا، والله تعالى أعلم بالصواب.
قال المصنف رحمه الله تعالى:
(فصل) ولا تجوز إلا على مسافة معلومة الابتداء والانتهاء لحديث ابن عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم سابق بين الخيل المضمرة من الحفياء إلى ثنية الوداع وما لم يضمر منها من ثنية الوداع إلى مسجد بنى زريق، ولأنهما إذا تسابقا على إجراء الفرسين حتى يسبق أحدهما الآخر إلى غير غاية لم يؤمن أن لا يسبق أحدهما الاخر إلى أن يعطبا، ولا يجوز أن يكون اجراؤه الا بتدبير الراكب لأنهما إذا جريا لأنفسهما تنافرا ولم يقفا على الغاية، وان تسابقا على أن من سبق صاحبه بخمسة أقدام فأكثر كان السبق له، فقد قال أبو علي الطبري في الافصاح: يجوز ذلك عندي لأنهما يتحاطان ما تساويا فيه، وينفرد