ويجوز أن يبدل آلة بغيرها. والثاني: أن في النضال من تفريع المرمى بالمبادرة والمحاطة ما لا يتفرع في سباق الخيل.
والفصل الرابع قوله: فإذا اختلفت عللهما اختلفا، يريد به أنه لما كان المقصود في سباق الخيل الفرس دون الراكب لزم تعيين الفرس ولم يلزم تعيين الراكب، ومتى مات الفرس بطل السبق، ولا يبطل بموت الراكب إن لم يكن هو العاقد. وفى بطلانه بموت العاقد قولان:
(أحدهما) لا يبطل بموته إذا قيل إنه كالإجارة (والثاني) يبطل بموته إذا قيل إنه كالجعالة. ولما كان المقصود في النضال الرامي دون الآلة لزم تعيين الرامي ولم يلزم تعيين الآلة، وبطل النضال إذا مات الرامي، ولم يبطل إذا انكسر القوس، فقد اختلف حكمهما كما اختلفت عللهما. والله أعلم بالصواب إذا ثبت هذا فإن الرمي لا يجوز إلا بين اثنين فأكثر، فإذا قال رجل لآخر ارم هذا السهم فإن أصبت به فلك درهم، قال أحمد وأصحابه: صح ذلك جعالة ولم يصح نضالا لأنه بذل مالا له في فعل له فيه غرض صحيح ولم يكن هذا نضالا لان النضال يكون بين نفسين فأكثر على أن يرموا جميعا ويكون الجعل لبعضهم إذا كان سابقا.
وإن قال: إن أصبت فلك درهم وإن أخطأت فعليك درهم لم يصح لأنه قمار. وإن قال: ارم عشرة أسهم فإن كان صوابك أكثر من خطئك فلك درهم ففيه وجهان (أحدهما) أنه بذل له العوض على عمل معلوم لم يناضل فيه نفسه فجاز (والثاني) أنه لا يجوز، لأنه جعل العوض في مقابلة الخطأ والصواب.
وقال الماوردي: إذا قال أحدهما لصاحبه أو لغيره: ارم بسهمك هذا فإن أصبت به فلك درهم جاز واستحق الدرهم إن أصاب. ولجوازه علتان (إحداهما) أنه قد أجابه إلى ما سأل فالتزم له ما بذل، وهذا قول ابن أبي هريرة (والثانية) أنه تحريض في طاعة فلزم البذل عليها كالمناضلة وقال أبو إسحاق المروزي: وهذا بذل مال على عمل وليس بنضال، لان النضال لا يكون الا بين اثنين فأكثر.