فإن قيل بلزومه على القول الأول فدليله شيئان.
(أحدهما) أنه عقد ومن شرط صحته أن يكون معلوم العوض والمعوض، فوجب أن يكون لازما كالإجارة طردا والجعالة عكسا.
(والثاني) أن ما أفضى إلى إبطال المقصود بالعقد كان ممنوعا منه في العقد، وبقاء خياره فيه مفض إلى إبطال المقصود به، لأنه إذا توجه السبق على أحدهما وفسخ لم يتوصل إلى سبق ولم يستحق فيه عوض، والعقد موضوع لاستقراره واستحقاقه فنافاه الخيار وضاهأه اللزوم.
فإن قيل بجوازه على القول الثاني فدليله شيئان أحدهما أن ما صح من عقود المعاوضات إذا قابل غير موثوق بالقدرة عليه عند استحقاقه كان من المعقود الجائزة دون اللازمة كالجعالة طردا، لأنه لا يثق بالغلبة في السبق والرمي كما لا يثق بوجود الضالة في الجعالة، وعكسه الإجارة، متى لم يثق بصحة العمل منه لم يصح العقد، والثاني أن ما كان إطلاق العوض فيه موجبا لتعجيل استحقاقه كان جائزا ولا يكون لازما وحاصل ذلك أن المسابقة إذا كانت بين اثنين أو فريقين لم تخل إما أن يكون العوض منهما أو من غيرهما نظرت، فإن كان من الامام جاز سواء كان من ماله أو من بيت المال، لان في ذلك مصلحة وحثا على تعلم الجهاد ونفعا للمسلمين، وإن كان غير إمام جاز له بذل العوض من ماله، وبهذا قال أبو حنيفة والشافعي وأحمد.
وقال مالك: لا يجوز بذل العوض من غير الامام، لان هذا مما يحتاج إليه للجهاد، فاختص به الامام كتولية الولايات وتأمير الامراء ولصحة العقد على السبق بالأعواض خمسة شروط.
(أحدها) التكافؤ فيما يسبقان عليه، وفيما يتكافئان به وجهان، أحدهما:
وهو الظاهر من مذهب الشافعي وما عليه جمهور أصحابه، أن التكافؤ بالتجانس فيسابق بين فرسين أو بغلين أو حمارين أو بعيرين ليعلم بعد التجانس أيهما السابق ولا يجوز أن يسابق بين فرس وبغل، ولا بين حمار وبعير، لان تفاضل الأجناس