قال المصنف رحمه الله تعالى:
(فصل) ويجوز لكل واحد منهما فسخ العقد لأنه عقد على عمل مجهول بعوض، فجاز لكل واحد منهما فسخه كالمضاربة، فإن فسخ العامل لم يستحق شيئا لان الجعل يستحق بالفراغ من العمل، وقد تركه فسقط حقه، وإن فسخ رب المال، فإن كان قبل العمل لم يلزمه شئ، لأنه فسخ قبل أن يستهلك منفعة العامل فلم يلزمه شئ، كما لو فسخ المضاربة قبل العمل، وإن كان بعدما شرع في العمل لزمه أجرة المثل لما عمل، لأنه استهلك منفعته بشرط العوض فلزمه أجرته، كما لو فسخ المضاربة بعد الشروع في العمل.
(فصل) وتجوز الزيادة والنقصان في الجعل قبل العمل، فان قال: من رد عبدي فله دينار، ثم قال: من رده فله عشره، فرده رجل استحق عشرة، وان قال: من رد عبدي فله عشرة، ثم قال: من رده فله دينار، استحق الدينار، لأنه مال بذل في مقابلة عمل في عقد جائز فجائز والزيادة والنقصان فيه قبل العمل كالربح في المضاربة.
(فصل) وإن اختلف العامل ورب المال فقال العامل: شرطت لي الجعل وأنكر رب المال، فالقول قول رب المال، لان الأصل عدم الشرط وعدم الضمان، وان اختلفا في عين العبد فقال السيد: شرطت الجعل في رد غيره.
وقال العامل: بل شرطت الجعل في رده، فالقول قول المالك، لان العامل يدعى عليه شرط الجعل في عقد، الأصل عدمه، فكان القول فيه قوله، وان اختلفا في قدر الجعال تحالفا كما قلنا في البيع، فإذا تحالفا رجع إلى أجرة المثل كما رجع في البيع بعد هلاك السلعة إلى قيمة العين.
وان اختلف العامل والعبد فقال العامل: أنا رددته. وقال العبد جئت بنفسي وصدقة المولى، فالقول قول المولى مع يمينه، لان الأصل عدم الرد، وعدم وجوب الجعل، وبالله التوفيق.
(الشرح) قلنا: إن العقود منها الجائز من الطرفين كالشركة والوكالة والعارية