لا يكون إلا على عوض، ولان في بذل العوض فيه تحريضا على التعلم والاستعداد للجهاد.
(فصل) ويجوز أن يكون العوض منهما، ويجوز أن يكون من أحدهما ويجوز أن يبذله السلطان من بيت المال، ويجوز أن يكون من رجل من الرعية لأنه إخراج مال لمصلحة الدين فجاز من الجميع كارتباط الخيل في سبيل الله، ولا يجوز إلا على عوض معلوم إما معينا أو موصوفا في الذمة، لأنه عقد معاوضة فلم يجز إلا على عوض معلوم كالبيع، ويجوز على عوض حال ومؤجل لأنه عوض يجوز أن يكون عينا ودينا فجاز أن يكون حالا ومؤجلا كالثمن في البيع، (فصل) فإن كان العوض من أحدهما أو من السلطان أو من رجل من الرعية فهو كالجعالة، وإن كان منهما ففيه قولان (أحدهما) أنه يلزم كالإجارة وهو الصحيح لأنه عقد من شرط صحته أن يكون العوض والمعوض معلومين فكان لازما كالإجارة (والثاني) أنه لا يلزم كالجعالة، لأنه عقد يبذل العوض فيه على ما لا يوثق به فلم يلزم كالجعالة. فان قلنا إنه كالإجارة كان حكمهما في الرهن والضمين حكم الإجارة وحكمهما في خيار المجلس، وخيار الشرط حكم الإجارة، ولا يجوز لواحد منهما فسخه بعد تمامه، ولا الزيادة ولا النقصان بعد لزومه، كما لا يجوز ذلك في الإجارة.
وإن قلنا إنه كالجعالة كان حكمه في الرهن والضمان حكم الجعالة، وقد مضى ذلك في كتاب الرهن والضمان، فأما الفسخ والزيادة والنقصان فإن كان قبل الشروع فيه أو بعد الشروع فيه وهما متكافئان فلكل واحد منهما أن يفسخ ويزيد وينقص، لأنه عقد جائز لا ضرر على أحد في فسخه والزيادة والنقصان فيه.
وإن كانا غير متكافئين نظرت، فإن كان الذي له الفضل هو الذي يطلب الفسخ أو الزيادة جاز، لأنه عقد جائز لا ضرر على صاحبه في الفسخ والزيادة فيه، فملك الفسخ والزيادة فيه.
وإن كان الذي عليه الفضل هو الذي يطلب الفسخ أو الزيادة ففيه وجهان