بخلافه في الفسخ، محل نظر، إذ لا أثر له في الفرق بين خصوص الوجوب من المسمى تارة، ومن أجرة المثل أخرى كما هو ظاهر للمتأمل.
(فرع) ويجوز للمالك أن يزيد وينقص في العمل وفى الجعل ولو من غير جنسه ونوعه قبل الفراغ كالمبيع في زمن الخيار، سواء ما قبل الشروع في العمل أو بعده، لأنه عقد جائز، فلو قال: من رد ضالتي فله عشرة، ثم قال من ردها فله خمسة أو عكس فالاعتبار بالأخير من قوليه، أما بعد الشروع ففائدته وجوب أجرة المثل له، لان النداء الأخير فسخ للأول، والفسخ في أثناء العمل يقتضى الرجوع إلى أجرة المثل، ومحله قبل الشروع أن يعلم العامل بالتغيير، فإن لم يعلم به فيما إذا كان معينا ولم يعلن به الملتزم فيما إذا كان غير معين، هكذا أفاده في النهاية.
وقال الغزالي في الوسيط: ينقدح أن يقال: يستحق أجرة المثل وهو الراجح وقال الماوردي والروياني وأقره السبكي: يستحق الجعل الأول، كما أقر ذلك البلقيني وغيره، فعلى الأول لو عمل من سمع النداء الأول خاصة، ومن سمع النداء الثاني استحق الأول نصف أجرة المثل والثاني نصف المسمى الثاني، وعلى قول الماوردي والروياني والسبكي والبلقيني للأول نصف الجعل الأول وللثاني نصف الثاني.
أما التغيير بعد الفراغ فلا يؤثر، لان المال قد لزم، ويتوقف لزوم الجعل على تمام العمل، ولهذا قال النووي: ولو مات الآبق في بعض الطريق أو هرب فلا شئ للعامل.
قال الشراح: لأنه لم يرده والاستحقاق معلق بالرد، ويخالف موت أجير الحج في أثناء العمل فإنه يستحق من الأجرة بقدر ما عمله في الأصح لان القصد بالحج الثواب، وقد حصل للمحجوج عنه الثواب بالبعض، والقصد هنا الرد ولم يوجد، ولو لم يجد المالك سلم المردود إلى الحاكم واستحق الجعل، فإن لم يكن حاكم أشهد واستحقه، ويجرى ذلك في سائر ما يتلف من محال الأعمال.