الحائط لاستغنائه عنه وحاجة جاره. وقال في الجديد: لا يجوز بغير إذن، وهو الصحيح: لقوله صلى الله عليه وسلم " لا يحل مال امرئ مسلم الا بطيب نفس منه " ولأنه انتفاع بملك غيره من غير ضرورة فلا يجوز بغير اذنه كالحمل على بهيمته، والبناء في أرضه، وحديث أبي هريرة تحمله على الاستحباب. وأما الماء فإنه غير مملوك في قول بعض أصحابنا. والحائط مملوك، ولأن الماء لا تنقطع مادته، والحائط بخلافه.
فإن كان الجذع ثقيلا يضر بالحائط لم يجز وضعه من غير اذنه قولا واحدا، لان الارتفاق بحق الغير لا يجوز مع الاضرار، ولهذا لا يجوز أن يخرج إلى الطريق جناحا يضر بالمارة. وإن كان لا حاجة به إليه لم يجبر عليه، لان الفضل إنما يجب بذله عند الحاجة إليه، ولهذا يجب بذلك فضل الماء عند الحاجة إليه للكلأ ولا يجب مع عدم الحاجة.
فان قلنا يجبر عليه فصالح منه على مال لم يجز، لان من وجب له حق لا يؤخذ منه عوضه، وان قلنا: لا يجبر عليه فصالح منه على مال جاز على ما بيناه في أجذاع الساباط.
(فصل) وإذا وضع الخشب على حائط الجار أو الحائط المشترك، وقلنا إن ه يجبر في قوله القديم، أو صالح عنه على مال في قوله الجديد فرفعه جاز له أن يعيده، فان صالحه صاحب الحائط عن حقه بعوض ليسقط حقه من الوضع جاز لان ما جاز بيعه جاز ابتياعه كسائر الأموال.
(الشرح) حديث أبي هريرة رضي الله عنه رواه البخاري ومسلم وأحمد والترمذي وأبو داود وابن ماجة، وقد أخرجه أيضا ابن ماجة والبيهقي وأحمد والطبراني وعبد الرزاق من طريق ابن عباس بلفظ. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا ضرر ولا ضرار، وللرجل أن يضع خشبة في حائط جاره، وإذا اختلفتم في الطريق فاجعلوه سبعة أذرع " وأخرجه أحمد وابن ماجة أيضا من حديث عكرمة بن سلمة بن ربيعة " أن أخوين من بنى المغيرة أعتق أحدهما أن