وقال بعض المالكية: ميل، وقال بعضهم أيضا: فرسخان، وقال بعضهم يومان، وقال بعضهم: مسافة قصر، وبه قال الثوري، وأما ابتداء التلقي فقيل الخروج من السوق، وإن كان في البلد، وقيل الخروج من البلد وهو قول أصحابنا، وبالأول قال أحمد وإسحاق والليث والمالكية.
وقول المصنف رحمه الله تعالى " ولان هذا تدليس وغرر " قلت: التدليس كتم البائع عيب السلعة من المشترى وإخفائه ويقال أيضا: دلس دلسا من باب ضرب والتشديد أشهر في الاستعمال، قال الأزهري: سمعت أعرابيا يقول:
ليس لي في الامر ولس ولا دلس: أي لا خيانة ولا خديعة، والدلسة بالضم الخديعة أيضا، وقال ابن فارس وأصله من الدلس وهو الظلمة.
أما التدليس عند المحدثين فهو إما تدليس في الاسناد وهو بأن يروى عن معاصر ما لم يحدثه به ويأتي بلفظ يوهم اتصالا كعن، وأن وقال فإذا قال الراوي عن فلان فإن كان يروى ذلك عن شخص لم يعاصره أو عاصره وثبت أنه لم يلاقه جزمنا بأن روايته منقطعة، وإن كان معاصرا له - ولم نعلم إن كان لقيه أو لا، أو علمنا أنه لقيه ولكن كان الراوي مدلسا توقفنا في روايته ولم نحكم لها بالاتصال الا إذا ثبت اللقاء والتحديث.
وأما تدليس الأشياخ أن يسمى شيخه أو شيخ شيخه باسم أو كنية أو لقب غير ما اشتهر به وعرف وذلك لستر ضعفه وفى ذلك تفصيل عند المحدثين.
أما الغرر فهو في اللغة الخطر، وغرته الدنيا غرورا أي خدعته فهي غرور مثل رسول اسم فاعل مبالغة، وفى اصطلاح الفقهاء كل بيع يحتمل فيه غبن المبتاع لحديث أبي هريرة الذي رواه الجماعة الا البخاري " أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الحصاة وعن بيع الغرر " وحديث ابن مسعود عند أحمد وفى روايته يزيد بن أبي زياد عن المسيب بن رافع، وقال البيهقي. فيه ارسال بين المسيب وعبد الله والصحيح وقفه على ابن مسعود كما قال ذلك الدارقطني في العلل والخطيب وابن الجوزي ولفظه " لا تشتروا السمك في الماء فإنه غرر " وقد روى أبو بكر بن أبي عاصم عن عمران بن حصين حديثا مرفوعا وفيه النهى عن بيع السمك في الماء وهو شاهد لهذا.