السابعة والأربعون: قوله تعالى " واتقوا الله ويعلمكم الله والله بكل شئ عليم " وعد من الله بأن من اتقاه علمه وجعل في قلبه نورا يفهم به ما يلقى إليه. وقد يجعل في قلبه فرقانا وفيصلا بين الحق والباطل. والله تعالى أعلم والحق أن هذه الآيات في السلف بلغت من شمول الأحكام واستيعاب صور العمل مع السنة الشريفة ما جعل الشافعي يقول، قال الشافعي: وما كتبت من الآثار بعدما كتبت من القرآن والسنة والاجماع ليس لان شيئا من هذا يزيد سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم قوة ولا لو خالفها ولم يحفظ معها يوهنها، بل هي التي قطع بها العذر، ولكنا رجونا الثواب في ارشاد من سمع ما كتبنا، فإن فيما كتبنا بعض ما يشرح قلوبهم لقبوله، ولو تنحت عنهم الغفلة لكانوا مثلنا في الاستغناء بكتاب الله عز وجل ثم سنة نبيه صلى الله عليه وسلم وما احتاجوا إذا أمر الله عز وجل بالرهن في الدين إلى أن يقول قائل هو جائز في السلف، لان أكثر ما في السلف أن يكون دينا مضمونا. اه قال المصنف رحمه الله:
(فصل) وينعقد بلفظ السلف والسلم، وفى لفظ البيع وجهان من أصحابنا من قال لا ينعقد السلم بلفظ البيع، فإذا عقد بلفظ البيع كان بيعا ولا يشترط فيه قبض العوض في المجلس، لان السلم غير البيع فلا ينعقد بلفظه، ومنهم من قال ينعقد لأنه نوع بيع يقتضى القبض في المجلس فانعقد بلفظ البيع كالصرف (الشرح) هذا الخلاف لفظي، لان صورة السلم يمكن أن تكون نوعا من أنواع البيوع مستثنى منها بإطلاق لفظ السلف أو السلم عليه، ولا يؤثر الخلاف اللفظي في جوهره إلا أنهم قضوا في حالة ما إذا عقد بلفظ البيع ولم يقبضه في المجلس خرج بذلك عن أن يكون سلما. وكلام الشافعي في السلم في كل أنواعه يطلق عليه لفظ البيع فهو نوع خاص من أنواع البيوع أبيح فيه بعض ما هو ممنوع في صور البيوع الأخرى ومنع فيه بعض ما أبيح في البيوع الأخرى.
قال الشافعي في (باب السلف في السلعة بعينها حاضرة أو غائبة)