(قلت) فإذا صالح رجلا على موضع قناة من أرضه يجرى فيها ماء وبينا موضعها وعرضها وطولها جاز، لان ذلك بيع موضع من أرضه، ولا حاجة إلى بيان عمقه، لأنه إذا ملك الموضع كان له إلى تخومه، فله أن يترك فيه ما شاء، وإن صالحه على إجراء الماء في ساقية من أرض رب الأرض مع بقاء ملكه عليها فهذا إجارة للأرض فيشترط تقدير المدة لان هذا شأن الإجارة فإن كانت الأرض في يد رجل بإجارة جاز أن يصالح رجلا على إجراء الماء فيها في ساقية محفورة مدة لا تجاوز مدة إجارته، وإن لم تكن الساقية محفورة لم يجز أن يصالحه على ذلك، لأنه لا يجوز إحداث ساقية في أرض في يده بإجارة.
فأما إن كانت الأرض في يده وقفا عليه فهو كالمستأجر، له أن يصالح على اجراء الماء في ساقية محفورة في مدة معلومة، وليس له أن يحفر فيها ساقية لأنه لا يملكها إنما يستوفى منفعتها كالأرض المستأجرة سواء وقال أصحاب أحمد: يجوز له حفر الساقية لان الأرض له وله التصرف فيها كيفما شاء ما لم ينقل الملك إلى غيره، بخلاف المستأجر فإنه إنما يتصرف فيها بما أذن له فيه، فكان الموقوف عليه بمنزلة المستأجر إذا أذن له في الحفر، فان مات الموقوف عليه في أثناء المدة، فهل لمن أنتقل إليه فسخ الصلح فيما بقي من المدة؟ على وجهين.
(فرع) إذا ادعى على رجل مالا فأقر له به ثم قال صالحني فيه على أن أعطيك مسيل ماء في ملكي، قال الشافعي رضي الله عنه " فان بينا الموضع وقدر الطول والعرض صح، لان ذلك بيع لموضع من أرضه ولا يحتاجان ان يبينا عمقه لأنه إذا ملك الموضع كان له النزول إلى تخومه، وهل يملك المدعى عليه هذه الساقية فيه وجهان حكاهما الصيدلاني (أحدهما) يملكها تبعا للأرض (والثاني) لا يملكها فعلى هذا لا يمنع مالك الأرض من بناء فوق المسيل قال ابن الصباغ وان صالحه على أن يجرى الماء في ساقية في أرض للمصالح قال في الام فان هذا إجارة يفتقر إلى تقدير المدة. قال أصحابنا إنما يصح إذا كانت الساقية محفورة، فإذا لم تكن محفورة لم يجز لأنه لا يمكن المستأجر من اجراء