لبس الرهن إلا في السفر لان الله تعالى شرط السفر في الرهن. قال الشافعي رحمه الله، بعد أن ساق قوله تعالى " يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه وليكتب بينكم كاتب بالعدل " وقوله تعالى " وإن كنتم على سفر ولم تجدوا كاتبا فرهان مقبوضة " قال: فكان بينا في الآية الامر بالكتاب في الحضر والسفر، وذكر الله تبارك وتعالى الرهن إذا كانوا مسافرين ولم يجدوا كاتبا فكان معقولا - والله أعلم - فيها أنهم أمروا بالكتاب والرهن احتياطا لملك الحق بالوثيقة والمملوك عليه بأن لا ينسى ويذكر، لا أنه فرض عليهم أن يكتبوا، ولا أن يأخذوا رهنا لقول الله عز وجل " فإن أمن بعضكم بعضا " فكان معقولا أن الوثيقة في الحق في السفر والاعواز غير محرمة - والله أعلم - في الحضر وغير الاعواز، ولا بأس بالرهن في الحق الحال والدين في الحضر والسفر وما قلت من هذا مما لا أعلم فيه خلافا، ثم أورد أحاديث رهن النبي صلى الله عليه وسلم درعه عند أبي الشحم. ثم قال: والدين حق لازم، فكل حق مما يملك، أو لزم بوجه من الوجوه جاز الرهن فيه، ولا يجوز الرهن فيما لا يلزم، فلو ادعى رجل على رجل حقا فأنكره وصالحه ورهنه به رهنا كان الرهن مفسوخا لأنه لا يلزم الصلح على الانكار اه.
قال المصنف رحمه الله تعالى:
(فصل) ولا يصح الرهن إلا من جائز التصرف في المال لأنه عقد على المال فلم يصح إلا من جائز التصرف في المال كالبيع.
(الشرح) الأحكام: لا يصح الرهن إلا من جائز التصرف في المال، فأما الصبي والمجنون والمحجور عليه، فلا يصح منه الرهن لأنه عقد على المال فلم يصح منهم كالبيع. وقال الشافعي رضي الله عنه: كل من جاز بيعه من بالغ حر غير محجور عليه جاز رهنه ومن جاز له أن يرهن أو يرتهن من الأحرار فإذا جازت هبته في ماله جاز له رهنه بلا نظر، ولا يجوز أن يرتهن الأب لابنه، ولا ولى اليتيم له، إلا بما فيه فضل لهما. ويصح الرهن بكل حق لازم في الذمة كديون السلم، ويدل القرض، وثمن المبيعات، وقيم المتلفات، والأجرة والمهر وعوض