قال المصنف رحمه الله تعالى:
(فصل) ولا يجوز أخذ الرهن على الأعيان كالمغصوب والمسروق والعارية والمأخوذ على وجه السوم، لأنه إن رهن على قيمتها إذا تلفت لم يصح، لأنه رهن على دين قبل ثبوته، وان رهن على عينها لم يصح، لأنه لا يمكن استيفاء العين من الرهن.
(الشرح) الأحكام: إن نقلت السفينة لقوم في البحر متاعا وخافوا الغرق، فقال رجل لغيره ألق متاعك في البحر وعلى ضمانه، فإن كان المتاع غير معلوم لم يصح أخذ الرهن به قبل الالقاء لأنه رهن بدين قبل وجوبه، وهل يصح الضمان به؟ فيه وجهان حكاهما الصيمري. أحدهما: لا يصح الرهن به ولا الضمان به.
وهذا هو المشهور لان القيمة لا تجب قبل الالقاء.
والثاني: يصحان، ويمكن أن يكون للمسألة وجه ثالث: يصح الضمان ولا يصح الرهن.
وأما إذا ألقاه في البحر وجبت القيمة في ذمة المستدعى وصح أخذ الرهن بها والضمان لأنها دين واجب فإذا رهنه المضمون، كالمغصوب والعارية والمقبوض في بيع فاسد أو على وجه السوم لم يصح عندنا، وعند أصحاب أحمد ومالك وأبي حنيفة صح وزال الضمان. ولأنه مأذون له في إمساكه رهنا لم يتجدد منه فيه عدوان فلم يضمنه كما لو قبضه منه ثم أقبضه إياه أو أبرأه من ضمانه، ويقولون عن التنافي بينهما انه ممنوع لان الغاصب يده عادية يجب عليه إزالتها، ويد المرتهن محقة جعلها الشرع له، ويد المرتهن يد أمانة، ويد الغاصب والمستعير ونحوهما يد ضامنة، وهم ينقضون قول الإمام الشافعي رضي الله عنه في قوله " لا يزول الضمان ويثبت فيه حكم الرهن، والحكم الذي كان ثابتا فيه يبقى بحاله لأنه لا تنافى بينهما، بدليل أنه لو تعدى في الرهن صار مضمونا ضمان الغصب وهو رهن كما كان، فكذلك ابتداؤه لأنه أحد حالتي الرهن