قال المصنف رحمه الله تعالى:
(فصل) وإن أخرج جناحا إلى دار جاره من غير إذنه لم يجز. واختلف أصحابنا في تعليله، فمنهم من قال لا يجوز لأنه ارتفاق بما تعين مالكه فلم يجز بغير إذنه من غير ضرورة، كأكل ماله. ومنهم من قال لا يجوز، لان الهواء تابع للقرار. والجار لا يملك الارتفاق بقرار دار الجار، فلا يملك الارتفاق بهواء داره، فإن صالحه صاحب الدار على شئ لم يجز لان الهواء تابع فلا يفرد بالعقد (الشرح) الأحكام: إذا أراد أن يخرج جناحا أو روشنا فوق دار غيره أو شارع جاره بغيره إذنه لم يجز لأنه لا يملك الارتفاق بقرار أرض جاره إلا بإذنه فكذلك الارتفاق بهواء أرض جاره، فان صالحه صاحب الدار أو الشارع على ذلك بعوض لم يصح لأنه لا يجوز إفراد الهواء بالعقد.
قال المصنف رحمه الله تعالى (فصل) وإن أخرج جناحا إلى درب غير نافذ نظرت فإن لم يكن له في الدرب طريق لم يجز، لما ذكرناه في دار الجار، وإن كان له فيه طريق ففيه وجهان (أحدهما) يجوز، وهو قول الشيخ أبى حامد الأسفرايني، لان الهواء تابع للقرار، فإذا جاز أن يرتفق بالقرار بالاجتياز جاز أن يرتفق بالهواء باخراج الجناح (والثاني) لا يجوز، وهو قول شيخنا القاضي أبى الطيب رحمه الله لأنه موضع تعين ملاكه فلم يجز اخراج الجناح إليه كدار الجار، فان صالحه عنه أهل الدرب، فان قلنا يجوز اخراج الجناح لم يجز الصلح، لما ذكرناه في الصلح على الجناح الخارج إلى الشارع، وان قلنا لا يجوز اخراجه لم يجز الصلح لما ذكرناه في الصلح على الجناح الخارج إلى دار الجار (الشرح) وان أراد أن يخرج جناحا أو روشنا إلى درب غير نافذ وله طريق في هذا الدرب، فإن كان يضر بالمارة لم يجز من غير إذن أهل الدرب، كما لا يجوز اخراج جناح يضر إلى شارع نافذ الا إذا أذنوا بذلك أهل الدرب وقال القاضي أبو الطيب " لا يجوز له ذلك بغير اذنهم لأنه مملوك لقوم معينين فلم يجز له اخراج الجناح إليهم بغير اذنهم " والله تعالى أعلم