قال المصنف رحمه الله تعالى:
(فصل) وما يحتاج إليه الرهن من نفقة وكسوة وعلف وغيرها فهو على الراهن لما روى أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال الظهر يركب بنفقته إذا كان مرهونا وعلى الذي يركب ويشرب نفقته، والذي يركب ويشرب هو الراهن فوجب أن تكون النفقة عليه، ولان الرقبة والمنفعة على ملكه فكانت النفقة عليه وان احتاج إلى شرب دواء أو فتح عرق فامتنع لم يجبر عليه لان الشفاء بيد الله تعالى، وقد يجئ من غير فصد ولا دواء ويخالف النفقة فإنه لا يبقى دونها فلزمه القيام بها.
(فصل) وان جنى العبد المرهون لم يخل اما أن يجنى على الأجنبي، أو على المولى أو على مملوك للمولى، فإن كانت الجناية على أجنبي تعلق حق المجني عليه برقبته، وقدم على حق المرتهن، لان حق المجني عليه يقدم على حق المالك، فلان يقدم على حق المرتهن أولى، ولان حق المجني عليه يختص بالعين فلو قدمنا حق المرتهن عليه أسقطنا حقه، وحق المرتهن يتعلق بالعين والذمة، فإذا قدمنا حق المجني عليه لم يسقط حقه فوجب تقديم حق المجني عليه، فان سقط حق المجني عليه بالعفو أو الفداء بقي حق المرتهن، لان حق المجني عليه لم يبطل الرهن وإنما قدم عليه حق المجني عليه لقوته، فإذا سقط حق المجني عليه بقي حق المرتهن وان لم يسقط حق المجني عليه نظرت، فإن كان قصاصا في النفس اقتص له وبطل الرهن، وإن كان في الطرف اقتص له، وبقى الرهن في الباقي، وإن كان مالا وأمكن أن يوفى حقه ببيع بعضه بيع منه ما يقضى به حقه، وان لم يمكن الا ببيع جميعه بيع فان فضل عن حق المجني عليه شئ من ثمنه تعلق به حق المرتهن وإن كانت الجناية على المولى نظرت، فإن كان فيما دون النفس اقتص منه إن كان عمدا، وإن كان خطأ أو عمدا فعفى عنه على مال لم يثبت له المال.
وقال أبو العباس: فيه قول آخر أنه يثبت له المال، ويستفيد به بيعه وابطال