قال المصنف رحمه الله تعالى:
(فصل) ويحرم أن يبيع حاضر لباد، وهو أن يقدم رجل ومعه متاع يريد بيعه ويحتاج الناس إليه في البلد، فإذا باع اتسع، وإذا لم يبع ضاق، فيجئ إليه سمسار فيقول " لا تبع حتى أبيع لك قليلا قليلا، وأزيد في ثمنها " لما روى ابن طاوس عن أبيه عن ابن عباس رضي الله عنه قال. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا يبع حاضر لباد " قلت ما لا يبع حاضر لباد؟ قال " لا يكون سمسارا " وروى جابر رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا يبع حاضر لباد، دعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض " فإن خالف وباع له صح البيع، لما ذكرناه في النحش، فإن كان البلد كبيرا لا يضيق على أهله بترك البيع ففيه وجهان (أحدهما) لا يجوز للخبر (والثاني) يجوز لان المنع لخوف الاضرار بالناس، ولا ضرر ههنا.
(الشرح) حديث ابن طاوس عن أبيه عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ. أخرجه الجماعة إلا الترمذي. وقوله " حاضر لباد " الحاضر ساكن الحضر والبادي ساكن البادية. قال في القاموس: الحاضر والحاضرة والحضارة وتفتح خلاف البادية، والحضارة الإقامة في الحضر، وتبدى أقام في البادية، والنسبة بداوى وبدوي، وبدا القوم خرجوا إلى البادية وأما حديث جابر فقد رواه الجماعة الا البخاري، وفى مسند أحمد من طريق عطاء بن السائب عن عكيم بالعين المهملة ابن أبي يزيد عن أبيه حدثني أبي قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " دعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض، فإذا استنصح الرجل فلينصح له " ورواه البيهقي من حديث جابر مثله قال الشافعي في الام بعد سوق الحديثين، حديث ابن عمر وحديث جابر " وليس في النهى عن بيع حاضر لباد بيان معنى " والله أعلم لم نهى عنه، الا أن أهل البادية يقدمون جاهلين بالأسواق، ولحاجة الناس إلى ما قدموا به. ومستثقلي المقام فيكون أدنى إلى ما يبيع الناس من سلعهم، ولا بالأسواق فيرخصوها لهم، فنهوا - والله أعلم - لئلا يكون سببا لقطع ما يرجى من رزق المشترى من أهل