للشافعية جواز التسعير في حالة الغلاء. وهذا الرأي في نظره مردود وما أوردناه فيه القول الفصل الذي يجعل التسعير يدور مع المصلحة حيث دارت ويقيد ولى الامر بمراعاة طرفي المتبايعين واحقاق العدل بينهما وعدم تغليب طرف على آخر قال المصنف رحمه الله تعالى:
(فصل) ويحرم الاحتكار في الأقوات، وهو أن يبتاع في وقت الغلاء ويمسكه ليزداد في ثمنه. ومن أصحابنا من قال: يكره ولا يحرم، وليس بشئ.
لما روى عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " الجالب مرزوق والمحتكر ملعون " وروى معمر العدوي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا يحتكر الا خاطئ " فدل على أنه حرام. فأما إذا ابتاع في وقت الرخص أو جاءه من ضيعته طعام فأمسكه ليبيعه إذا غلا فلا يحرم ذلك لأنه في معنى الجالب وقد روى عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " الجالب مرزوق والمحتكر ملعون " وروى أبو الزناد قال: قلت لسعيد بن المسيب: بلغني عنك أنك قلت إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال. لا يحتكر بالمدينة الا خاطئ، وأنت تحتكر؟ قال ليس هذا الذي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأتي الرجل السلعة عند غلائها فيغالى بها، فأما أن يأتي الشئ وقد اتضع فيشتريه، ثم يضعه فإن احتاج الناس إليه أخرجه، فذلك خير وأما غير الأقوات فيجوز احتكاره، لما روى أبو أمامة رضي الله عنه قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يحتكر الطعام، فدل على أن غيره يجوز، ولأنه لا ضرر في احتكار غير الأقوات فلم يمنع منه.
(الشرح) أما فصل الاحتكار فحديث عمر رضي الله عنه، رواه ابن ماجة بلفظ " سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من احتكر على المسلمين طعامهم ضربه الله بالجذام والافلاس " وفى اسناده الهيثم بن رافع، قال أبو داود روى حديثا منكرا قال الحافظ الذهبي: هو الذي خرجه ابن ماجة، يعنى هذا، وفى اسناده أيضا أبو يحيى المكي، وهو مجهول.