لتنتهين عائشة أو لأحجرن عليها. فبلغها ذلك فحلفت أن لا تكلمه " فأتاها ابن الزبير واعتذر إليها فكفرت عن يمينها وكلمته، فلم ينكر عليه أحد. ويقول: إن عائشة رضي الله عنها بالغة رشيدة، فكيف يحجر عليها؟ ولان كل معنى لو قارن البلوغ منع من تسليم المال إليه فإذا طرأ بعد البلوغ اقتضى إعادة الحجر عليه كالمجنون (فرع) بعض الناس يكون شحيحا على نفسه جدا مع يساره وامتلائه فهل يحجر عليه؟ فيه وجهان حكاهما الصيمري، الصحيح أنه لا يحجر عليه (فرع) أما في حالة التبذير والاسراف إذا صار ذلك منه بعد فك الحجر عنه فإنه لا يعيد الحجر عليه إلا الحاكم. وبه قال أبو يوسف. وقال محمد: يصير بذلك محجورا عليه، وهو قول بعض أصحابنا الخراسانيين دليلنا أن عليا رضي الله عنه سأل عثمان رضي الله عنه أن يحجر على عبد الله ابن جعفر بن أبي طالب، فدل على أنه لا يصير محجورا عليه إلا بالحاكم، ولان الحجر بالتبذير مختلف فيه فافتقر إلى الحاكم، كالطلاق بالعنة لا يثبت الا بالحاكم لموضع الاختلاف فيه، فإذا حجر عليه لم ينظر في ماله إلا الحاكم، لأنه حجر ثبت بالحاكم فكان هو الناظر فيه كالحجر على المفلس ويستحب أن يشهر الحاكم على ذلك، فيشهر هذا الحجر بوسائل الاشهار العرفية حسب كل زمان ومكان، ففي القرى مثلا أو في البلاد المتبدية بكون بالمنادى أو الاعلان الملصق، وفى المدن الكبرى يكون بالنشر في الصحف المقروءة، حتى لا يغتر الناس بمعاملته (فرع) فإذا باع أو اشترى بعد الحجر كان ذلك باطلا، فان حصل له في يد غيره مال استرجعه الحاكم منه إن كان باقيا، أو استرجع بدله إن كان تالفا.
وان حصل في يد المحجور عليه مال لغيره ببيع أو غيره استرده الحاكم منه ورد على مالكه، وان باعه غيره شيئا أو أقرضه إياه، ثم تلف في يده أو أتلفه فإنه لا يجب عليه ضمانه، سواء علم بحجره أو لم يعلم، لأنه ان علم بحجره فقد دخل على بصيرة، وان لم يعلم بحاله فقد قصر وفرط حيث بايع من لا يعلم حاله، ولا يلزمه إذا فك عنه الحجر، لان الحجر عليه لحفظ ماله، فلو ألزمناه ذلك بعد الحجر لبطل معنى الحجر، وهذا في ظاهر الحكم، وهل يلزمه ضمانه فيما بينه وبين