قال المصنف رحمه الله:
(فصل) وإن فك عنه الحجر، ثم صار مبذرا حجر عليه، لما روى أن عبد الله بن جعفر رضي الله عنه ابتاع أرضا سبخة بستين ألفا فقال عثمان ما يسرني أن تكون لي بنعلي معا، فبلغ ذلك عليا كرم الله وجهه، وعزم أن يسأل عثمان أن يحجر عليه، فجاء عبد الله بن جعفر إلى الزبير، وذكر أن عليا يريد أن يسأل عثمان رضي الله عنهما أن يحجر عليه، فقال الزبير: أنا شريكك فجاء على إلى عثمان رضي الله عنهما وسأله أن يحجر عليه، فقال: كيف أحجر على من شريكه الزبير فدل على جواز الحجر ولان كل معنى اقتضى الحجر إذا قارن البلوغ اقتضى الحجر إذا طرأ بعد البلوغ، كالجنون.
فإن فك عنه الحجر ثم صار فاسقا ففيه وجهان. قال أبو العباس: يعاد عليه الحجر، لأنه معنى يقتضى الحجر، عند البلوغ، فاقتضى الحجر بعده كالتبذير.
وقال أبو إسحاق: لا يعاد عليه الحجر، لان الحجر للفسق لخوف التبذير، وتبذير الفاسق ليس بيقين، فلا يزال به ما تيقنا من حفظه للمال، ولا يعاد عليه الحجر بالتبذير إلا بالحاكم، لان عليا كرم الله وجهه أتى عثمان رضي الله عنه وسأله أن حجر على عبد الله بن جعفر، ولان العلم بالتبذير يحتاج إلى نظر، فإن الغبن قد يكون تبذيرا، وقد يكون غير تبذير، ولان الحجر للتبذير مختلف فيه فلا يجوز إلا بالحاكم، فإذا حجر عليه لم ينظر في ماله إلا الحاكم، لأنه حجر ثبت بالحاكم فصار هو الناظر كالحجر على المفلس.
ويستحب أن يشهر على الحجر ليعلم الناس بحاله وأن من عامله ضيع ماله، فان أقرضه رجل مالا أو باع منه متاعا لم يملكه، لأنه محجور عليه لعدم الرشد، فلم يملك بالبيع والقرض كالصبي والمجنون، فإن كانت العين باقية ردت. وإن كانت تالفة لم يجب ضمانها. لان المالك ان علم بحاله فقد دخل على بصيرة وأن ماله ضائع وان لم يعلم فقد فرط حين ترك الاستظهار، ودخل في معاملته على غير معرفة.