قال المصنف رحمه الله:
(فصل) ويجب على المستقرض رد المثل فيما له مثل، لان مقتضى القرض رد المثل، ولهذا يقال الدنيا قروض ومكافأة فوجب أن يرد المثل، وفيما لا مثل له وجهان (أحدهما) يجب عليه القيمة، لان ما ضمن بالمثل إذا كان له مثل ضمن بالقيمة إذا لم يكن له مثل كالمتلفات (والثاني) يجب عليه مثله في الخلقة والصورة، لحديث أبي رافع أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره أن يقضى البكر بالبكر، ولان ما ثبت في الذمة بعقد السلم ثبت بعقد القرض قياسا على ما له مثل، ويخالف المتلفات فإن المتلف متعد فلم يقبل منه الا القيمة لأنها أحصر، وهذا عقد أجيز للحاجة فقبل فيه مثل ما قبض كما قبل في السلم مثل ما وصف، فإن اقترض الخبز وقلنا يجوز اقراض ما لا يضبط بالوصف ففي الذي يرد وجهان (أحدهما) مثل الخبز (والثاني) ترد القيمة فعلى هذا إذا أقرضه الخبز وشرط أن يرد عليه الخبز ففيه وجهان (أحدهما) يجوز لان مبناه على الرفق فلو منعناه من رد الخبز شق وضاق (والثاني) لا يجوز لأنه إذا شرط صار بيع خبز بخبز وذلك لا يجوز (الشرح) الأحكام: وإذا أقرض شيئا له مثل كالحبوب والادهان والدراهم والدنانير وجب على المقترض رد مثلها لأنه أقرب إليه، وان اقترض منه مالا مثل له كالثياب والحيوان ففيه وجهان (أحدهما) يجب رد قيمته، وهو اختيار للشيخ أبى حامد ولم يذكر غيره، لأنه مضمون بالقيمة في الاتلاف، فكذلك في القرض (والثاني) يضمنه بمثله في الصورة، وهو اختيار القاضي أبى الطيب الطبري لحديث أبي رافع رضي الله عنه قضاء البكر، ولان طريق القرض الرفق فسومح فيه بذلك، ألا ترى أنه يجوز فيه النسبة فيما فيه الربا، ولا يجوز ذلك في البيع بخلاف المتلف فإنه متعد، فأوجبت عليه القيمة لأنها أحصر قال ابن الصباغ فإذا قلنا يجب القيمة فإن قلنا إنه يملك بالقبض وجبت القيمة حين القبض، وان قلنا إنه لا يملك الا بالتصرف وجبت عليه القيمة أكثر ما كانت من القبض إلى حين التلف، وان اختلفا في قدر القيمة أو صفة المثل فالقول قول المستقرض مع يمينه لأنه غارم.