فمعنى قوله تعالى: بدارا أن يكبروا. أي لا تأكلوا أموال اليتامى مبادرة لئلا يكبروا فيأخذوها. ولأنه يستحق ذلك بالعمل والحاجة. هكذا ذكر عامة أصحابنا وذكر المصنف أنه إذا كان فقيرا جاز له أن يأكل - من غير تفصيل - ولعله أراد بإطلاقه ما ذكر غيره.
وهل يضمن الولي ما أكله بالبدل؟ قال العمراني في البيان، فيه وجهان.
أحدهما يجب عليه ضمانه في ذمته، والثاني لا يجب لان الله أباح له الاكل ولم يوجب الضمان. ولان ذلك استحقه بعمله في ماله فلم يلزمه رد بدله كالمستأجر. والله أعلم قال المصنف رحمه الله:
(فصل) ولا يفك الحجر عن الصبي حتى يبلغ ويؤنس منه الرشد، لقوله تعالى (حتى إذا بلغوا النكاح، فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم) فأما البلوغ فإنه يحصل بخمسة أشياء، ثلاثة يشترك فيها الرجل والمرأة، وهي الانزال والسن والانبات. واثنان تختص بهما المرأة، وهما الحيض والحبل فأما الانزال فهو إنزال المنى، فمتى أنزل صار بالغا، والدليل عليه قوله تعالى (وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم فليستأذنوا) فأمرهم بالاستئذان بعد الاحتلام، فدل على أنه بلوغ. وروى عطية القرظي قال: عرضنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم زمن قريظة، فمن كان محتلما أو نبتت عانته قتل، فلو لم يكن بالغا لما قتل.
وأما السن فهو أن يستكمل خمس عشرة سنة. والدليل عليه ما روى ابن عمر رضي الله عنه قال " عرضت على رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد وأنا ابن أربع عشر سنة فلم يجزني ولم يرني بلغت، وعرضت عليه وأنا ابن خمس عشرة سنة فرآني بلغت فأجازني وأما الانبات فهو الشعر الخشن الذي ينبت على العانة، وهو بلوغ في حق الكافر، والدليل عليه ما روى عطية القرظي قال " كنت فيمن حكم فيهم سعد ابن معاذ رضي الله عنه فشكوا فئ أمن الذرية أنا أم من المقاتلة؟ فقال رسول الله