ذكرنا أن شراءه صحيح، وهل ثبت للبائع الرجوع إلى عين ماله؟ فيه وجهان.
أحدهما: لا يثبت له الرجوع إلى عين ماله، لأنه باعه مع العلم بخراب ذمته، فلم يثبت له الفسخ، كما لو اشترى سلعة معيبة مع العلم بعيبها. والثاني: يثبت له الفسخ كما لو تزوجت امرأة بفقير مع العلم بحاله، فان لها أن تفسخ النكاح إذا عسر بالنفقة.
قال المصنف رحمه الله:
(فصل) وان وجد المبيع وقد قبض من الثمن بعضه، رجع بحصة ما بقي من الثمن لأنه إذا رجع بالجميع إذا لم يقبض جميع الثمن رجع في بعضه إذا لم يقبض بعض الثمن، وإن كان المبيع عبدين متساويي القيمة وباعهما بمائة، وقبض من الثمن خمسين، ثم مات أحد العبدين، وأفلس المشترى، فالمنصوص في التفليس أنه يأخذ الباقي بما بقي من الثمن، ونص في الصداق: إذا أصدقها عبدين فتلف أحدهما ثم طلقها قبل الدخول، على قولين.
أحدهما: أنه يأخذ الموجود بنصف الصداق مثل قوله في التفليس. والثاني أنه يأخذ نصف الموجود ونصف قيمة التالف، فمن أصحابنا من نقل هذا القول إلى البيع، وقال: فيه قولان (أحدهما) أنه يأخذ نصف الموجود ويضرب مع الغرماء بنصف ثمن التالف، وهو اختيار المزني رحمه الله، لان البائع قبض الخمسين من ثمنهما، وما قبض من ثمنه لا يرجع به (والثاني) أنه يأخذ الموجود بما بقي، لان ما أخذ جميعه لدفع الضرر إذا كان باقيا أخد الباقي إذا هلك بعضه كالشقص في الشفعة ومن أصحابنا من قال يأخذ البائع الموجود بما بقي من الثمن قولا واحدا، وفى الصداق قولان، والفرق بينهما أن البائع إذا رجع بنصف الموجود ونصف بدل التالف لم يصل إلى كمال حقه لان غريمه مفلس، والزوج إذا رجع بنصف الموجود ونصف قيمة التالف وصل إلى جميع حقه، لان الزوجة موسرة فلم يجز له الرجوع بجميع الموجود بنصف المهر