فإنه لا يملك الصبي بعد البلوغ الرد، فإن ادعى بعد البلوغ أن الولي أخذ - والحظ في الترك - أو الترك والحظ في الاخذ، فان أقام بينة على ذلك حكم له به وإن لم يقم بينة فإن كان الولي أبا أو جدا. فالقول قولهما مع يمينهما، وإن كان غيرهما من الأولياء لم يقبل قوله من غير بينة، كما ذكرنا من الفرق قبل هذا والله تعالى أعلم.
قال علي بن عبد الكافي السبكي في فتاويه: ومن مصالح الصبي أن الولي يصونه عن أكل ما فيه شبهة وعن أن يخلط ماله به، ويحرص على إطعامه الحلال المحض وعلى أن يكون ماله كله منه، وهي مصلحة أخروية ودنيوية، أما أخروية فظاهر لأنه وإن لم يكن مكلفا لكن الجسد النابت من الحلال الطيب أزكى عند الله وأعلى درجة في الآخرة من غيره. وأما دنيوية، فان الجسد الناشئ على الحلال ينشأ على خير، فيحصل له مصالح الدنيا والآخرة.
وقد يكون بتركه اجتناب الشبهات يبارك الله له في القليل الحلال فيكفيه ويرزقه من حيث لا يحتسب، فهذه المصالح محققة، والفائدة الدنيوية التي يكتسبها بالمعاملة دنيوية محضة، فتعارضت مصلحتان أخروية ودنيوية، ورعاية الآخرة أولى من رعاية الدنيا، فكان الأحوط والأصلح لليتيم ترك هذه المعاملة، فقد يقال يكون المستحب تركها، وقد يزاد فيقال يجب تركها لقوله تعالى " ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن " فالأحسن في الدنيا والآخرة حلال قطعا، وغير الأحسن فيهما يمنع قطعا، والأحسن في الآخرة دون الدنيا إذا راعينا مصلحة الآخرة وقدمناها على الدنيا صار أحسن من الآخرة فهو أحسن مطلقا، فان تيسر متجر ابتغى فعله، وإلا فلا يكلف الله نفسا الا وسعها، ويأكل ماله خير من أن يأكله غيره، والله أعلم اه قال المصنف رحمه الله تعالى:
(فصل) ولا يبيع ماله بنسيئة من غير غبطة، فإن كانت السلعة تساوى مائة نقدا ومائة وعشرين نسيئة فباعها بمائة نسيئة فالبيع باطل لأنه باع بدون الثمن، وان باعها بمائة وعشرين نسيئة من غير رهن لم يصح البيع لأنه غرر بالمال، فان