وقال أصحاب أحمد لا تصح الحوالة فيما لا يصح السلم فيه، لأنه لا يثبت في الذمة، ومن شرط الحوالة تساوى الدينين، فأما ما يثبت في الذمة سلما غير المثليات كالمذروع والمعدود، ففي صحة الحوالة به وجهان (أحدهما) لا تصح لان المثل فيه لا يتحرر، ولهذا لا يضمنه بمثله في حالة الاتلاف (الثاني) تصح، ذكره القاضي من الحنابلة قال المصنف رحمه الله:
(فصل) ولا تجوز الا أن يكون الحقان متساويين في الصفة والحلول والتأجيل، فإن اختلفا في شئ من ذلك لم تصح الحوالة، لان الحوالة ارفاق كالقرض، فلو جوزنا مع الاختلاف صار المطلوب منه طلب الفضل، فتخرج عن موضوعها، فإن كان لرجل على رجلين ألف على كل واحد منهما خمسمائة، وكل واحد منهما ضامن عن صاحبه خمسمائة، فأحال عليهما رجلا له عليه ألف، على أن يطالب من شاء منهما بألف، ففيه وجهان (أحدهما) تصح، وهو قول الشيخ أبى حامد الأسفرايني رحمه الله، لأنه لا يأخذ الا قدر حقه.
(والثاني) لا تصح، وهو قول شيخنا القاضي أبى الطيب رحمه الله، لأنه يستفيد بالحوالة زيادة في المطالبة، وذلك لا يجوز، ولان الحوالة بيع فإذا خيرناه بين الرجلين صار كما لو قال " بعتك أحد هذين العبدين " (الشرح) ولا تصح الحوالة الا إن كان الحقان من جنس واحد، فإن كان عليه لرجل دنانير فأحاله بها على رجل له عليه دراهم، أو حال من له عليه حنطة على من له شعير أو ذرة لم تصح الحوالة، لان موضوع الحوالة أنها لا تفتقر إلى رضى المحال عليه، فلو صححناها بغير جنس الحق لاشترط فيها رضاه، لأنه لا يجبر على تسليم غير الجنس الذي عليه، ولان الحوالة تجرى مجرى المقاصة، لان المحبل سقط ما في ذمته بما له في ذمة المحال عليه، ثم المقاصة لا تصح من جنس بجنس آخر وكذلك الحوالة، ولا تصح الحوالة الا إن كان الحقان من نوع