وكان الانكار حادثا، فيصح الصلح إذا أنكر بعد الاقرار لحدوث الانكار بعد لزوم الحق، ولان الصلح على الاقرار هضم للحق، ولان الحق ثبت قبل إنكاره والصلح من بواعثه وأسبابه وقوع النزاع بالانكار (فرع) إذا أنكر المدعى عليه ثم قامت البينة فقد لزم الحق كلزومه بالاقرار ومن ثم يجوز الصلح، ومثله لو نكل المدعى عليه عن اليمين فحلف المدعى فقد لزم الحق وثبت للمدعى. لان اليمين المردودة كالاقرار وكالبينة، ومن ثم جاز الصلح. والله تعالى أعلم قال المصنف رحمه الله تعالى:
(فصل) وإن ادعى عليه مالا فأنكره، ثم قال صالحني عنه لم يكن ذلك إقرارا له بالمال، لأنه يحتمل أنه أراد قطع الخصومة، فلم يجعل ذلك اقرارا، فان قال بعني ذلك ففيه وجهان.
(أحدهما) لا يجعل ذلك اقرارا. وهو قول الشيخ أبى حامد الأسفرايني، لان البيع والصلح واحد، فإذا لم يكن الصلح اقرارا لم يكن البيع اقرارا (والثاني) وهو قول شيخنا القاضي أبى الطيب أنه يجعل ذلك اقرارا لان البيع تمليك، والتمليك لا يصح الا ممن يملك (الشرح) إذا ادعى على رجل دينا في ذمته أو عينا في يده فأنكره المدعى عليه ثم قال صالحني عن ذلك بعوض لم يكن ذلك اقرارا من المدعى عليه، لان الصلح قد يراد به المعاوضة وقد يراد به قطع الخصومة والدعوى، فإذا كان الامر يحتملهما لم نجعل ذلك اقرارا. وان قال المدعى عليه للمدعى بعني هذه العين أو ملكني إياها، فحكى المصنف وابن الصباغ في ذلك وجهين (أحدهما) وهو قول الشيخ أبى حامد أنه لا يكون اقرارا لان الصلح والبيع بمعنى واحد. فإذا لم يكن قوله صالحني اقرارا، فكذلك قوله بعني (والثاني) يكون اقرارا، وهو قول القاضي أبى الطيب، ولم يذكر الشيخ أبو حامد في التعليق غيره. وهو قول أبي حنيفة رضي الله عنه. لان قوله بعني أو ملكني يتضمن الاقرار له بالملك