(الشرح) الأحكام: إذا باع من رجل عينا بمائة أو عينين بمائة، فقبض البائع من الثمن خمسين والعين المبيعة باقية أو العينان باقيتان، سواء كانت قيمتهما مختلفة أو متساوية، فهل للبائع أن يرجع من المبيع بقدر ما بقي من الثمن؟
حكى ابن الصباغ فيه قولين. قال في القديم سقط حق البائع من الرجوع إلى الغير ويضرب مع الغرماء بالثمن.
وحكى الشيخ أبو حامد أن هذا هو مذهب مالك ولم يحكه عن القديم. وقال ابن الصباغ: مذهب مالك إذا قبض شيئا من الثمن والعين باقية كان بالخيار بين أن يرد ما قبض من الثمن ويرجع في العين المبيعة، وبين أن لا يرجع في العين ويضارب مع الغرماء فيما بقي.
ووجه القول القديم حديث أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحرث بن هشام الذي أنينا على مختلف طرقه وألفاظه فيما سبق من فصول هذا الباب ولان في رجوعه في بعض العين تبعيضا للصفقة على المشترى واضطرارا به، فلم يكن ذلك للبائع.
وقال في الجديد: يثبت له الرجوع بخصم ما بقي من الثمن - وهو الصحيح - لأنه سبب يرجع به العاقد إلى جميع العين فجاز ان يرجع به إلى بعضها كالفرقة قبل الدخول، وذلك أن الزوج يرجع تارة بجميع الصداق، وهو ما إذا ارتدت أو وجد أحدهما بالآخر عيبا، وتارة بالنصف، وهو ما إذا طلقها قال في البيان: والخبر عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام مرسل، لان أبا بكر ليس بصحابي، وان صح فمعنى قوله " فهو أسوة الغرماء " إذا رضى بذلك.
وإن باعه عينين متساويي القيمة بمائة، فقبض البائع من الثمن خمسين وتلف أحد العينين وأفلس المشترى، فإن اختار البائع أن يضرب مع الغرماء بالثمن الذي بقي له فلا كلام، وان اختار الرجوع إلى عين ماله على الجديد فبكم يرجع؟
قال الشافعي يرجع هنا في العين الباقية بما بقي من الثمن.
وقال في الصداق " إذا أصدقها عبدين فتلف أحدهما وطلقها قبل الدخول أنها على قولين (أحدهما) تأخذ نصف الموجود ونصف قيمة التالف (والثاني) أنه بالخيار بين أن يأخذ نصف الموجود ونصف قيمة التالف.