قال ابن بطال: أجمع العلماء على أن الناجش عاص بفعله، واختلفوا في البيع إذا وقع على ذلك، ونقل ابن المنذر عن طائفة من أهل الحديث فساد ذلك البيع إذا وقع على ذلك، وهو قول أهل الظاهر، ورواية عن مالك وهو المشهور عند الحنابلة إذا كان بمواطأة البائع أو صنعته، والمشهور عند المالكية في مثل ذلك ثبوت الخيار وهو قول الحنفية، وقد اتفق أكثر العلماء على تفسير النجش في الشرع بما تقدم، وقد فسره ابن عبد البر وابن حزم وابن العربي بأن تكون الزيادة المذكورة فوق ثمن المثل ووافقهم على ذلك لبعض المتأخرين من الشافعية وهو تقييد للنص بغير مقتض للتقييد.
قال المصنف رحمه الله تعالى:
(فصل) ويحرم أن يبيع على بيع أخيه، وهو أن يجئ إلى من اشترى شيئا في مدة الخيار فيقول: افسخ فإني أبيعك أجود منه بهذا الثمن،، أو أبيعك مثله بدون هذا الثمن، لما روى أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يبع الرجل على بيع أخيه، ولان في هذا إفسادا وإنجاشا فلم يحل، فإن قبل منه وفسخ البيع واشترى منه صح البيع، لما ذكرناه في النجش.
(الشرح) أما حديث ابن عمر فقد رواه البخاري ومسلم. وأما حديث أبي هريرة فهو متفق عليه، وللنسائي: من طريق ابن عمر " لا يبع أحدكم على بيع أخيه حتى يبتاع أو يذر ".
وفى رواية أحمد عن ابن عمر " لا يبع أحدكم على بيع أخيه ولا يخطب على خطبة أخيه إلا أن يأذن له " وقد تتابعت أحاديث النهى عن أبي هريرة عند الشيخين وعن عقبة بن عامر عند مسلم.
وقوله صلى الله عليه وسلم: لا يبع، الأكثر بإثبات الياء على أن لا نافية، ويحتمل أن يكون استثناء من الحكمين، ويحتمل أن يختص بالأخير، والخلاف في ذلك وبيان الراجح مستوفى في الأصول.
ويدل على الثاني في خصوص هذا المقام رواية البخاري التي ذكرناها