وقال مالك والأوزاعي وإسحاق وأبو يوسف ومحمد والشافعي رضي الله عنهم يجوز ذلك إذا لم يضر بالمارة، ولا يملك أحد منعه، لأنه ارتفق بما لم يتعين ملك أحد فيه من غير مضرة، فكان جائزا كالمشي في الطريق والجلوس فيها.
قال المصنف رحمه الله:
(فصل) ولا يجوز أن يفتح كوة، ولا يسمر مسمارا في حائط جاره الا باذنه، ولا في الحائط المشترك بينه وبين غيره الا باذنه. لان ذلك يوهى الحائط ويضر به، فلا يجوز من غير اذن مالكه، ولا يجوز أن يبنى على حائط جاره ولا على الحائط المشترك شيئا من غير اذن مالكه ولا على السطحين المتلاصقين حاجزا من غير اذن صاحبه. لأنه حمل على ملك الغير فلم يجز من غير اذن كالحمل على بهيمته، ولا يجوز أن يجرى على سطحه ماء من غير اذنه، فان صالحه منه على عوض جاز، إذا عرف السطح الذي يجرى ماؤه لأنه يختلف ويتفاوت.
(الشرح) الأحكام: لا يجوز أن يفتح كوة، ولا يدق وتدا في حائط الجار ولا في الحائط المشترك بينه وبين غيره عن غير اذن، لان ذلك يضعف الحائط، ولا يجوز أن يبنى عليه من غير اذن كما لا يجوز أن يحمل على بهيمة غيره بغير اذنه.
(فرع) ولا يجوز أن يجرى الماء في أرض غيره ولا على سطحه بغير اذنه هذا قوله في الجديد، وقال في القديم: إذا ساق رجل عينا أو بئرا فلزمته مؤنة ودعته الضرورة إلى اجرائه في ملك غيره ولم يكن على المجرى في ملكه ضرر بين فقد قال بعض أصحابنا يجبر عليه، فأومأ إلى أنه يجبر لما روى أن الضحاك ومحمد ابن مسلمة اختلفا في خليج أراد الضحاك أن يجريه في أرض محمد بن مسلمة فامتنع فترافعا إلى أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه فقال: والله لأمرنه ولو على بطنك.
قال العمراني. والأول هو المشهور في المهذب للشيخ أبي إسحاق، لأنه حمل على ملك غيره فلم يجز من غير اذنه، كالحمل على بهيمته قال. وأما الخبر فيحتمل أنه كان له رسم اجراء الماء في أرضه فامتنع منه فلذلك أجبره أمير المؤمنين على ذلك