فان أراد أن يقيم البينة على الاعسار لم يقبل الا بشهادة عدلين من أهل الخبرة والمعرفة بحاله، لان الهلاك يدركه كل أحد والاعسار لا يعلمه الا من يخبر باطنه، فان أقام البينة على الاعسار وادعى الغريم أن له مالا باطنا فطلب اليمين عليه، ففيه قولان (أحدهما) لا يحلف، لأنه أقام البينة على ما ادعاه فلا يحلف، كما لو ادعى ملكا وأقام عليه البينة.
(والثاني) يحلف لان المال الباطن يجوز خفاؤه على الشاهدين، فجاز عرض اليمين فيه عند الطلب، كما لو أقام عليه البينة بالدين وادعى أنه أبرأه منه، وان وجد في يده مال فادعى أنه لغيره نظرت، فان كذبه المقر له بيع في الدين لأن الظاهر أنه له، وان صدقه سلم إليه.
فان قال الغريم أحلفوه لي أنه صادق في اقراره ففيه وجهان (أحدهما) يحلف لأنه يحتمل أن يكون كاذبا في اقراره (والثاني) لا يحلف وهو الصحيح، لان اليمين تعرض ليخاف فيرجع عن الاقرار، ولو رجع عن الاقرار لم يقبل رجوعه فلا معنى لعرض اليمين.
(الشرح) خبر عمر رضي الله عنه رواه مالك في الموطأ والدارقطني وابن أبي شيبة والبيهقي وعبد الرزاق بألفاظ سنوردها أما لغات الفصل فان الفلس مأخوذ من الفلوس وهو أخس مال الرجل، لان أقل صنوف النقود هو الفلس وهو عند إخواننا أهل العراق والشام يساوى مليما عند أهل مصر والسودان والهللة عند إخواننا أهل الحجاز ونجد، والبقشة عند إخواننا أهل اليمن، وقد دخل لفظ الفلس في لغات أهل أوربا بلهجتهم، فقالوا البنس والبيزا.
قال في المصباح: وبعضهم يقول أفلس الرجل أي صار ذا فلوس بعد أن كان ذا دراهم فهو مفلس، والجمع مفاليس، وحقيقته الانتقال من حالة اليسر إلى حالة العسر، وفلسه القاضي تفليسا نادى عليه وشهره بين الناس بأنه صار مفلسا والفلس الذي يتعامل به جمعه في القلة أفلس وفى الكثرة فلوس.
ومن هنا كان المفلس هو الذي يملك مالا تافها، وقد ورد في الحديث هو