قال المصنف رحمه الله تعالى:
باب السلم السلم جائز لقوله تعالى " يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه " قال ابن عباس أشهد أن السلف المضمون إلى أجل قد أجله الله في كتابه وأذن فيه فقال " يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه ".
(فصل) ولا يصح السلم الا من مطلق التصرف في المال لأنه عقد على مال فلا يصح الا من جائز التصرف كالبيع: قال الشافعي رحمه الله: ويصح السلم من الأعمى. قال المزني رحمه الله أعلم من نطقه أنه أراد الأعمى الذي عرف الصفات قبل أن يعمى. قال أبو العباس هذا الذي قاله المزني حسن، فأما الأكمه الذي لا يعرف الصفات فلا يصح سلمه لأنه يعقد على مجهول وبيع المجهول لا يصح، وقال أبو إسحاق يصح السلم من الأعمى وإن كان أكمه لأنه يعرف الصفات بالسماع (الشرح) قال الشافعي رحمه الله في باب السلف والمراد به السلم:
قال الله تعالى " يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه وليكتب بينكم كاتب بالعدل " إلى قوله " وليتق الله ربه " قال الشافعي: فلما أمر الله عز وجل بالكتاب ثم رخص في الاشهاد إن كانوا على سفر ولم يجدوا كاتبا، احتمل أن يكون فرضا وأن يكون دلالة، فلما قال الله جل ثناؤه: فرهان مقبوضة والرهن غير الكتاب والشهادة، ثم قال " فإن أمن بعضكم بعضا فليؤد الذي اؤتمن أمانته وليتق الله ربه " دل كتاب الله عز وجل على أن أمره بالكتاب ثم الشهود ثم الرهن إرشادا لا فرضا عليهم، لان قوله " فإن أمن بعضكم بعضا فليؤد الذي اؤتمن أمانته " إباحة لان يأمن بعضهم بعضا، فيدع الكتاب والشهود والرهن، قال: وأحب الكتاب والشهود لأنه إرشاد من الله ونظر للبائع والمشترى، وذلك أنهما إن كانا أمينين فقد يموتان أو أحدهما، فلا يعرف حق البائع على المشترى فيتلف على البائع أو ورثته حقه، وتكون التباعة على المشترى