إليه وإن كان مطعوما وما يعين على القوت كاللحم والفواكه وما يسد مسد شئ من القوت في بعض الأحوال، وإن كان لا يمكن المداومة عليه فهو في محل النظر فمن العلماء من طرد التحريم في السمن والعسل والشيرج والجبن والزيت وما يجرى مجراه. وقال السبكي " إذا كان في وقت قحط كان في ادخار العسل والسمن والشيرج وأمثالها اضرار، فينبغي أن يقضى بتحريمه، وإذا لم يكن اضرار فلا يخلو احتكار الأقوات عن كراهة.
وقال القاضي حسين " إذا كان الناس يحتاجون الثياب ونحوها لشدة البرد أو لستر العورة فكره لمن عنده ذلك امساكه " قال السبكي " ان أراد كراهة تحريم فظاهر، وان أراد كراهة تنزيه فبعيد.
وحكى أبو داود عن قتادة أنه قال " ليس في التمر حكرة " وحكى أيضا عن سفيان أنه سئل عن كبس ألقت فقال " كانوا يكرهون الحكرة " والكبس بفتح الكاف واسكان الباء الموحدة، وألقت بفتح القاف وتشديد التاء الفوقية، وهو اليابس من القضب. قال الطيبي " ان التقييد بالأربعين يشير إلى حديث ادخار الطعام أربعين يوما، اليوم غير مراد به التحديد " قال الشوكاني " ولم أجد من ذهب إلى العمل بهذا العدد " ونختم هذا الفصل بما أورد الامام النووي رضي الله عنه في شرحه لصحيح مسلم عند حديث معمر بن عبد الله مرفوعا " من احتكر فهو خاطئ " قال النووي قال أهل اللغة " الخاطئ بالهمز هو العاصي الآثم " وهذا الحديث صريح في تحريم الاحتكار في الأقوات خاصة، وهو أن يشترى الطعام في وقت الغلاء للتجارة ولا يبيعه في الحال بل يدخره ليغلو ثمنه. فأما إذا جاءه من قريته أو اشتراه في وقت الرخص وادخره، أو ابتاعه في وقت الغلاء لحاجته إلى أكله، أو ابتاعه ليبيعه في وقته فليس باحتكار ولا تحريم فيه.
قال وأما غير الأقوات فلا يحرم الاحتكار فيه بكل حال، هذا تفصيل مذهبنا قال العلماء " والحكمة في تحريم الاحتكار دفع الضرر عن عامة الناس، كما أجمع العلماء على أنه لو كان عند انسان طعام واضطر الناس إليه ولم يجدوا غيره أجبر على بيعه دفعا للضرر عن الناس.