قال المصنف رحمه الله تعالى:
(فصل) ولا يحل للسلطان التسعير، لما روى أنس رضي الله عنه: قال: غلا السعر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال الناس: يا رسول الله سعر لنا، فقال عليه السلام: إن الله هو القابض والباسط والرازق والمسعر، وإني لأرجو أن ألقى الله وليس أحد يطالبني بمظلمة في نفس ولا مال (الشرح) أما فصل تحريم التسعير على السلطان فإن حديث أنس رواه أبو داود والترمذي وصححه.
أما لغات الفصل فإن التسعير جعل سعر معلوم ينتهى إليه ثمن الشئ وأسعرته بالألف لغة، ويقال له سعر إذا زادت قيمته، وليس له سعر إذا أفرط رخصه والجمع أسعار مثل حمل وأحمال.
أما أحكام الفصل فقد قال العلامة ابن القيم في كتابه الطرق الحكمية:
وأما التسعير فمنه ما هو ظلم محرم، ومنه ما هو عدل جائز فإذا تضمن ظلم الناس وإكراههم بغير حق على البيع بثمن لا يرضونه، أو منعهم مما أباح الله لهم فهو حرام، وإذا تضمن العدل بين الناس مثل إكراههم على ما يجب عليهم من المعاوضة بثمن المثل، ومنعهم مما يحرم عليهم من أخذ الزيادة على عوض المثل، فهو جائز، بل واجب فأما القسم الأول فمثل رواية أنس (التي ساقها المصنف) فإذا كان الناس يبيعون سلعهم على الوجه المعروف من غير ظلم منهم. وقد ارتفع السعر - إما لقلة الشئ - وإما لكثرة الخلق - فهذا إلى الله، فإلزام الناس أن يبيعوا بقيمة بعينها، إكراه بغير حق وأما الثاني فمثل أن يمتنع أرباب السلع من بيعها مع ضرورة الناس إليها إلا بزيادة على القيمة المعروفة، فهنا يجب عليهم بيعها بقيمة المثل، ولا معنى للتسعير إلا إلزامهم بقيمة المثل، فالتسعير ههنا إلزام بالعدل الذي ألزمهم الله به.