(الشرح) الأحكام: إذا كانت له شجرة في ملكه فانتشرت أغصانها فوق ملك جاره فللجار أن يطالب مالك الشجرة بإزالة ما انتشر فوق ملكه لان الهواء تابع للقرار، وليس له أن ينتفع بقرار أرض جاره بغير اذنه، فكذلك هواء أرض جاره، فإن لم يزل مالك الشجرة ذلك فللجار أن يزيل ذلك عن هواء أرضه بغير اذن الحاكم كما لو دخلت بهيمة لغيره إلى أرضه فله أن يخرجها بنفسه وقال أصحاب أحمد: إذا امتنع المالك من ازالته لم يجبر لان ذلك ليس من فعله، وعلى كلا الامرين إذا امتنع من ازالته كان لصحاب الهواء ازالته مع عدم الاتلاف، فإذا أتلف شيئا ضمنه كما لو دخلت البهيمة داره فعليه اخراجها بغير اتلاف فإذا أتلفها ضمنها، فإن لم يمكنه ازالتها الا بالاتلاف فلا شئ عليه لأنه لا يلزمه اقرار مال غيره في ملكه.
قال العمراني في البيان: ينظر فيه فإن كان ما انتشر لينا يمكنه أن يزيل ذلك عن ملكه من غير قطع، لواه عن ملكه، فان قطعه لزمه أرش ما نقصت الشجرة بذلك لأنه متعد بالقطع، وإن كان يابسا لا يمكنه إزالة ذلك عن ملكه الا بقطعه فله أن يقطع ذلك ولا ضمان عليه اه.
(قلت) فان صالحه على اقرارها بعوض معلوم، فإن كان غير معتمد على حائطه لم يجز ذلك لأنه افراد للهواء بالعقد إن كان يابسا، وإن كان رطبا لم يجز أيضا لهذه العلة، ولأنه يزيد في كل وقت بنمو الأغصان.
وقال أصحاب أحمد كابن حامد وابن عقيل وابن قدامة: يجوز ذلك رطبا كان الغصن أو يابسا، لان الجهالة في المصالح عنه لا تمنع الصحة لكونها لا تمنع التسليم بخلاف العوض فإنه يفتقر إلى العلم لوجوب تسليمه، لان الحاجة داعية إلى الصلح عنه لكون ذلك يكثر في الاملاك المتجاورة في القطع اتلاف وضرر قالوا: والزيادة المتجددة يعفى عنها كالسمن الحادث في المستأجر للركوب.
(قلت) والصلح لا يجوز عندنا الا في حالة ما إذا كان الغصن يابسا معتمدا على حائط الجار كما لو صالحه على وضع خشبة على حائطه، وأما الرطب فإنه يمكن ليه، ويمكن تهذيبه.