وهذا الصلح على وضع الخشب لا يملك به الواضع شيئا من الحائط الذي يضع عليه لأنه لو كان بيعا لملك جميع الحائط ولكان إذا تهدم يملك أخذ الأنقاض، وهذا لا يقوله أحد، قال: فإن قيل إنما يكون بيعا لموضوع الوضع خاصة قيل: لا يصح ذلك لان موضع الوضع محمل بقية الحائط الذي لغيره وتلك منفعة استحقها وإذا بطل أن يكون تبعا كان ذلك إجارة بكل حال. قال: فإن قيل: فكيف يكون الإجارة إلى مدة غير معلومة؟ فالجواب أن المنفعة يجوز أن يقع العقد عليها في موضع الحاجة غير مقدرة كما يقع عقد النكاح على منفعة غير مقدرة، والحاجة إلى ذلك، لان الخشب وما يشبهه مما يراد للتأبيد، ويضر به التقدير، بخلاف سائر الإجارات، ولان سائر الأعيان لو جوزنا فيها عقد الإجارة على التأبيد بطل فيها معنى الملك، وها هنا وضع الخشب على الحائط لا يمنع مالكه أن ينتفع به منفعة مقصودة، والأول أصح، لان الشافعي رضي الله عنه، قال في المختصر:
ولو اشترى علو بيت على أن يبنى على جدرانه ويسكن على سطحه أجزت ذلك إذا سميا منتهى البنيان، لأنه ليس كالأرض في احتمال ما يبنى عليها.
إذا ثبت هذا: فان أقر صاحب الحائط لصاحب الخشب أن له حق الوضع على جداره لزم ذلك في الحكم. فان تقدمه صلح لزم ظاهرا وباطنا وان لم يتقدمه صلح لزم في الظاهر دون الباطن والله تعالى أعلم.
وقال أصحاب أحمد: لا يجوز أن يشرع إلى طريق نافذ جناحا، وهو الروش سواء كان ذلك يضر بالمارة أو لا يضر، وسواء أذن الامام أو لم يأذن، ولا يجوز الساباط من باب الأولى، ولو كان الحائط ملكه.
وقال ابن عقيل من الحنابلة. ان لم يكن فيه ضرر جاز باذن الامام لأنه نائبهم فجرى اذنه مجرى اذن المشتركين في الدرب ليس بنافذ وهذا القول ضعيف عندهم لان الضرر لابد أن يتحقق ولو بحجب الضوء عن الطريق، أو الهواء، وليس كالجلوس أو المرور فإنهما طارئان.
وقال أبو حنيفة يجوز من ذلك مالا ضرر فيه، وان عارضه رجل من المسلمين وجب قلعه.