قال المصنف رحمه الله:
(فصل) وإن تلف الرهن في يد المرتهن من غير تفريط تلف من ضمان الراهن ولا يسقط من دينه شئ لما روى سعيد بن المسيب رضي الله عنه قال:
قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا يغلق الرهن ممن رهنه، ولأنه وثيقة بدين ليس بعوض منه فلم يسقط الدين بهلاكه كالضامن، فإن غصب عينا ورهنها بدين ولم يعلم المرتهن وهلكت عنده من غير تفريط فهل يجوز للمالك أن يغرمه فيه وجهان (أحدهما) لا يغرمه لأنه دخل على الأمانة (والثاني) له أن يغرمه لأنه أخذه من يد ضامنة، فان قلنا إنه يغرمه فغرمه فهل يرجع بما غرم على الراهن فيه وجهان (أحدهما) يرجع لأنه عره (والثاني) لا يرجع لأنه حصل التلف في يده فاستقر الضمان عليه، فان بدأ وغرم الراهن، فان قلنا إن المرتهن إذا غرم رجع على الراهن لم يرجع الراهن على المرتهن بما غرمه، وإن قلنا إن المرتهن إذا غرم لا يرجع على الراهن رجع عليه الراهن بما غرمه، فان رهن عند رجل عينا وقال رهنتك هذا إلى شهر فإن لم أعطك مالك فهو لك بالدين فالرهن باطل لأنه وقته والبيع باطل لأنه علقه على شرط فان هلك العين قبل الشهر لم يضمن لأنه مقبوض بحكم الرهن فلم يضمنه كالمقبوض عن رهن صحيح، وان هلك بعد الشهر ضمنه لأنه مقبوض بحكم البيع فضمنه كالمقبوض عن بيع صحيح (الشرح) الحديث مر تخريجه في غير موضع أما الأحكام فإنه إذا قبض المرتهن الرهن فهلك في يده من غير تفريط لم يلزمه ضمانه ولا يسقط من دينه شئ، وبه قال الأوزاعي وعطاء وأحمد وأبو عبيد وهي إحدى الروايتين عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وذهب الثوري وأبو حنيفة وأصحابه إلى أن الرهن مضمون على المرتهن بأقل الأمرين من قيمته، أو قدر الدين، فإذا هلك فإن كان الدين مائة وقيمة الرهن تسعين ضمنه بتسعين وبقى له من الدين عشرة، وإن كان الدين تسعين وقيمة الرهن مائة فهلك الرهن سقط الرهن وسقط جميع دينه، ولا يرجع الراهن عليه بشئ لسقوط الدين، وروى ذلك عن عمر رضي الله عنه.