قال المصنف رحمه الله تعالى:
باب الحجر إذا ملك الصبي أو المجنون مالا حجر عليه في ماله، والدليل عليه قوله تعالى (وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم) فدل على أنه لا يسلم إليه المال قبل البلوغ والرشد.
(الشرح) الحجر في اللغة المنع والتضييق. ومنه سمى الحرام حجرا. قال الله تعالى " ويقولون حجرا محجورا " أي حراما محرما، ويسمى العقل حجرا.
قال تعالى " هل في ذلك قسم لذي حجر " سمى حجرا لمنعه صاحبه من ارتكاب القبائح، وما يضر العاقبة، وسمى حجر البيت حجرا لأنه يمنع من الطواف به.
وفى الشريعة منع الانسان من التصرف في ماله والمحجور عليهم ثمانية، ثلاثة حجر عليهم لحق أنفسهم وخمسة حجر عليهم لحق غيرهم، فالذين حجر عليهم لحق أنفسهم: فالصبي والمجنون والسفيه.
والمحجور عليهم لحق غيرهم فهم المفلس يحجر عليه لحق الغرماء، والمريض لحق الورثة، والعبد القن. والمكاتب - بفتح التاء لحق المكاتب بكسرها - والمرتد لحق المسلمين.
والأصل في ثبوت الحجر على الصبي قوله تعالى " وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فان آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم، ولا تأكلوها إسرافا وبدارا أن يكبروا " والابتلاء الاختبار. قال تعالى " هو الذي خلقكم ليبلوكم أيكم أحسن عملا " أي ليختبركم واليتيم من مات أبوه وهو دون البلوغ. قال صلى الله عليه وسلم " لا يتم بعد الحلم " وقوله تعالى " إذا بلغوا النكاح " أراد به البلوغ، فعبر عنه به، وقوله تعالى " آنستم منهم رشدا " أي علمتم منهم رشدا، فوضع الايناس موضع العلم، كما وضع الايناس موضع الرؤية في قوله تعالى " آنس من جانب الطور نارا " أي رأى